الحمد لله.
ثانياً:
مع عظم ذنوبك التي اقترفتها فإن باب التوبة مفتوح لك ، وقد أحسنت في توبتك بسبب ما فعلتَه من ذنوب ، ونرجو الله أن تكون صادقاً فيها وأن يتقبلها الله تعالى منك .
ثالثاً:
أما بخصوص خوفك من أن يعاقبك الله بمثل ما فعلت بصديقك استدلالاً بحديث ( كَمَا تَدين تُدان ) : فننبِّه قبل الجواب أن هذه الجملة لم تصح في حديثٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن جاءت الشواهد من الكتاب والسنَّة على صدقها وصحتها - وقد فصَّلنا القول فيها في جواب السؤال رقم ( 81528 ) فانظره – ومما جاء في الشرع ما يؤيد عين هذا الذنب والجزاء عليه من جنسه : ما جاء عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عنه قَالَ : صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ : لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) رواه الترمذي ( 1955 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال المباركفوري – رحمه الله - : " ( عوراتهم ) فيما تجهلونها ، ولا تكشفوها فيما تعرفونها .
( تتبع الله عورته ) ذكره على سبيل المشاكلة أي : كشف عيوبه ، ومن أقبحها تتبع عورة الأخ المسلم ، وهذا في الآخرة .
( ومن تتبع الله عورته يفضحه ) أي : يكشف مساويه .
( ولو في جوف رحله ) أي : ولو كان في وسط منزله مخفيّاً من الناس " انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 6 / 153 ) باختصار .
ومع هذا فنطمئنك إلى أنَّ التوبة النصوح تهدم ما قبلها من الذنب الذي تاب منه صاحبه ، وقد أكرم الله تعالى التائبين بصدق أنه يبدِّل سيئاتهم حسنات ، وهذا يعني أنه لن يُعاقب التائب بصدق على ما اقترف من سيئات ومعاصي لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وبما أنك تخبر أنك قد تبتَ إلى ربِّك عز وجل واستغفرته فنرجو أن لا تؤاخذ على ما فعلتَ تجاه صديقك ، ونوصيك بالندم والإكثار من الأعمال الصالحة والعزم الأكيد على عدم العود لمثل هذه المعاصي .
رابعاً:
وننصحك بعدم إخبار صديقك بما فعلته معه من ذنوب ؛ لئلا تزيد من أذيته وقد يتسبب ذلك في أن يفقد الثقة في الناس ، بل تكتفي بالدعاء له ، والاجتهاد في الإحسان إليه ، والذب عن عرضه .
وهذا هو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو قول الحنابلة ، ففي " المستدرك على مجموع الفتاوى " ( 3 / 208 - 209 ) قال ابن تيمية رحمه الله : " فكل مظلمة في العرض من اغتياب صادق وبهت كاذب : فهو في معنى القذف ؛ إذ القذف قد يكون صدقًا فيكون في المغيب غيبة ، وقد يكون كذبا فيكون بهتاً ، واختيار أصحابنا : أنه لا يُعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحساناً إليه في مقابلة مظلمته " انتهى .
خامساً:
النصيحة لعموم المسلمين : أن يحتاطوا لأجهزتهم وبريدهم من الاختراق ، وأن يحرصوا على أن لا يضعوا صوراً لنسائهم وبناتهم ؛ لما قد يحصل لأجهزتهم من اختراق ، أو ينظر إليها أصحاب محلات الصيانة أو من يسترجعها من يشتري الجهاز بالبرامج الكثيرة ، ونسأل الله أن يستر عوراتنا وأن يحفظنا بحفظه .
والله أعلم