أنا زوجة ثانية لرجل متدين ، وأريد أن أعرف حكم الشرع في السماح للزوجة الأولى بأن تخط حدوداً وقوانين للزوجة الثانية بإذن من الزوج ، يسمح بذلك لأنها تهدده بالخلع وأخذ الأبناء معها ، وهو يحب أبناءه ولا يريد فراقهم .
إنه يعمل في مؤسسة خيرية ويشرف على الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تُعنى بمساعدة المسلمين سواء هنا داخل بريطانيا أو في الخارج ، في حين أن زوجته الأولى هي من يقوم بنفس العمل ولكن في القطاع النسائي .
وقد تعلمت من زوجي الكثير عن العمل التطوعي وحب الانخراط فيه ، ولكن هذا الأمر لا يحلو لزوجته الأولى ، فالغيرة تجعلها تفرض عليّ القيود وتمنعني من ذلك خشية أن تلتفت إلي الأنظار وأن يُسحب البساط من تحتها .
على الرغم من أن هذا العمل لله إلا أنها لا تريدني أن أشترك فيه مطلقاً ولا حتى على مستوى المساعدة في بعض الأمور اليسيرة مثل تجهيز بعض المطويات أو دعوة بعض الأخوات إلى البيت واستضافتهن ، كل هذه أمور تسبب لي الكثير من الضيق وعدم الارتياح وتجعلني أتساءل عن مدى صلاحياتها في التدخل في شئوني وأين يكمن دور الزوج من هذا كله ؟ .
إن زوجي رجل طيب ويحاول قدر الإمكان أن يعدل بيننا ، ولكنه مقصّر في هذا الجانب ويسمح لها بوضع القيود على تحركاتي وأنشطتي حرصاً منه على عدم اختلاق المشاكل ، وهذا كله على حساب مشاعري وحريتي ، فأرجو منكم النصح والتوجيه .
وجزاكم الله خيراً .
الحمد لله.
يجب على الزوج أن يعدل بين نسائه في النفقة والمبيت والسكنى ، كما بينَّاه أكثر من
مرة – ولينظر – مثلاً – جواب السؤال رقم (
127145) - ومما لا
شك فيه أن التقصير في أحد تلك الأمور يترتب عليه إثم على الزوج ويترتب عليه – كذلك
– مشكلات في حياته بسبب المطالبات بتحقيق العدل ومتابعة تحقيقه لذلك .
فإذا جاء الزوج بما أمره الله تعالى به من العدل الظاهر فيما ذكرناه ، فإن عليه أن
يُحسن قيادة بيوته فيُظهر قوامته على زوجاته ويضع الأشياء في مواضعها ، فلا يميل
ولا يشتط ، ومن حسن قيادة الزوج المعدد لبيوته ، أن لا يسمح لإحدى نسائه بالتدخل في
شئون الأخرى ، ومن باب أولى أنها لا تملي عليه ما يفعله معهن ، وكل أحد يعلم ما
يكون بين الضرائر من غيرة ، فإذا كان الزوج أُذناً ؛ أي : سامعا موافقا لواحدة منهن
، يستجيب لرغباتها تجاه الأخريات ، فإنه سيفشل في جمعه بين أكثر من زوجة ، إلا أن
تكون الزوجة الأخرى عاقلة وصابرة ترى ذلك منها ومنه ، فتتحمل وتصبر رجاء أن يهديه
الله فيُظهر شخصيته وقوامته على تلك الزوجة ، ولا يسمح لغيره بقيادة دفة بيوته ،
وليعلم الزوج أنه إذا سمح لإحدى زوجاته بتوجيهه فيما يفعله مع زوجاته الأخريات ،
فإنه لن يكون لذلك حدٌّ عند تلك الموجِّهة له ، وأنها ستتدخل حتى في أدق التفاصيل
فيما بينه وبين سائر نسائه ، وقد يصل الأمر إلى أن تطلب منه أن يطلق أو يستبدل !
ولذا فلا ينبغي له السماح لذلك بأن يحدث ، وليقطع الطريق على تلك المتدخلة في شئون
زوجاته الأخريات من أول الأمر ولو أنها تغلف ذلك بغلاف النصح ! .
والجواب عن أصل سؤالكِ – أختنا السائلة – أنه ليس
للزوجة الأولى صلاحية في التدخل في شئونك الحياتية والدعوية ، وأن مسئولية الزوج
تقتضي منه وقف ذلك التدخل وعدم السماح به إذا أراد لحياته الزوجية أن تستقيم وتستمر
.
على أننا نوصيكِ بالصبر والاحتساب ، ونوصيك بالتلطف مع الزوج في الإنكار عليه ،
وأنت تعلمين أن حياة المعددين لا تخلو – عادة – من مشكلات بين الزوجات وأن ذلك يزول
– إن شاء الله – مع الصبر والتعقل وحسن العشرة للزوج وحسن الصحبة لسائر نسائه
الأخريات .
وما ذكرت من حال زوجك ، ودينه وخلقه ، يجعلك تحتملين ذلك الجانب الضعيف ، أو القاصر
عنده ، حتى ولو لم يتمكن من إصلاحه ، فالحياة ليس لها جانب واحد دائما ، وكفى المرء
نبلا أن تعد معايبه .
وفقك الله ، وأصلح لك زوجك ، وأصلح ذات بينكما ، وجمع بينكما في خير .
والله أعلم