الحمد لله.
روى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ
الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ :
( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ
وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه .
فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه
خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه .
ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش ، ويقال عسل ناصح ، أي :
سليم من الغش والشمع .
وفي هذا المعنى أيضا ما رواه الشيخان من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه
قال :( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل
مسلم ) .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 90) .
وروى مسلم (102) عن أبي
هريرة رضي الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( مَنْ
غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) .
وروى الحاكم (8795) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه قَالَ :
( المكر والخديعة والخيانة في النار ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1057) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31 /219)
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْغِشَّ حَرَامٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْقَوْل
أَمْ بِالْفِعْل ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِكِتْمَانِ الْعَيْبِ فِي الْمَعْقُودِ
عَلَيْهِ أَوِ الثَّمَنِ أَمْ بِالْكَذِبِ وَالْخَدِيعَةِ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي
الْمُعَامَلاَتِ أَمْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ " انتهى .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه
الله :
" يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا رَأَى إنْسَانًا يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَعْلَمُ بِهَا أَوْ
بِهِ عَيْبًا، أَوْ رَأَى إنْسَانًا يُرِيدُ أَنْ يُخَالِطَ آخَرَ لِمُعَامَلَةٍ
أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ نَحْوِ عِلْمٍ وَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا :
أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ أَدَاءٌ
لِلنَّصِيحَةِ الْمُتَأَكِّدِ وُجُوبُهَا لِخَاصَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ
" .
انتهى من"الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 396) .
وقال علماء اللجنة :
" يجب أن يبين للخاطب ما في المخطوبة من مرض وعيب إذا لم يعلم ، ليكون على بينة من
أمره ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/ 15) .
ثم إن مثل هذا الأمر مما لا يخفى ، بل غالبا ما يأتي ظرف ما ، أو وقت ويكشف أمره ، ثم تكون المشكلات ، والمفاسد بعد ذلك .
فعلى أخيك أن يستغفر الله
ويتوب إليه مما صنع واقترف ، وعليكم أنتم بإخبار الفتاة وأهلها بحقيقة الأمر ،
ليكونوا على بينة من أمرهم ؛ فإما أن يتموا هذه الخطبة ، أو يفسخوها ،
وإن شق عليكم اكتشاف أمر أخيك ، ورغبتم في ستر ذلك ، فبإمكانكم أن تفسخوا الخطبة
بأي عذر ، أو حيلة ، ولكم أن تستعملوا التورية في مثل ذلك ، لئلا تصرحوا بحقيقة حال
أخيكم .
والله تعالى أعلم .