الحمد لله.
ثانياً:
السنة أن يعق عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة ؛ لما روى رواه الترمذي
( 1516 ) والنسائي ( 4217 ) عن أم كرز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
العقيقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ
الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ )، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 4 / 391 ).
قال الشيرازي رحمه الله: " والسنة أن يذبح عن الغلام شاتين , وعن
الجارية شاة ؛ لما روت أم كرز ... ، ولأنه إنما شرع للسرور بالمولود , والسرور
بالغلام أكثر, فكان الذبح عنه أكثر، وإن ذبح عن كل واحد منهما شاة جاز, لما روى ابن
عباس رضي الله عنه قال: ( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين عليهما
السلام كبشا كبشاً ).." انتهى.
قال النووي رحمه الله في شرحه :" السنة أن يعق عن الغلام شاتين, وعن الجارية شاة ,
فإن عق عن الغلام شاة حصل أصل السنة, لما ذكره المصنف " انتهى من "شرح
المهذب"(8/409) .
وفي "الموسوعة الفقهية" (30/280) : " وذهب الشافعية والحنابلة
إلى أنه يستحب أن يعق عن الذكر بشاتين متماثلتين ، وعن الأنثى بشاة ؛ لحديث عائشة
رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان
وعن الجارية بشاة ) .
ويجوز العق عن الذكر بشاة واحدة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ...
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يعق عن الغلام والجارية : شاة شاة ؛ وكان ابن عمر
رضي الله تعالى عنهما يفعله..." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإن لم يجد الإنسان، إلا شاة واحدة أجزأت ،
وحصل بها المقصو، لكن إذا كان الله قد أغناه فالاثنتان أفضل " انتهى من "الشرح
الممتع" (7/492).
ثالثاً:
إذا تبين أن أصل السنة يحصل بذبح شاة واحدة عن الغلام ، فإذا كان عنده غلامان ـ
مثلا ـ وليس عنده سوى شاتين ، فالأقرب أن يذبح عن كل غلام منهما شاة ، فيحصل بذلك
أصل السنة ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وفوات الكمال في كل واحد منهما ،
أهون من فوات أصل السنة في أحدهما ، خاصة وقد قال بعض أهل العلم بوجوب العقيقة ،
فإبراء الذمة من عقيقة الغلامين ، أولى من إبرائها من واحدة ، وبقاء الذمة مشغولة
بالأخرى .
وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ فعق عن الحسن والحسين : شاة شاة .
فإذا تيسر له مال بعد ذلك ، وأراد أن يكمل شاة أخرى مع التي
ذبحها ، فنرجو أن ينفعه ذلك ، إن شاء الله ، وأن يتم له كمال ما قدم من العقيقة .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : " ولو ذبح واحدة اليوم ، والثانية ذبحها بعد
أيام .. فلا مانع ، وليس اللازم أن تكون الشاتان مجتمعتين في وقت واحد " .
انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" .
رابعاً:
الفرق بين الإجزاء وإصابة السنة، أن إصابة السنة فيها خير زائد على الإجزاء، كما لو
توضأ شخص وغسل أعضاء الوضوء مرة مرة ، فالوضوء مجزئ ولا يطلب منه الإعادة ، فإن
توضأ ثلاثاً ثلاثاً فقد أتى بالمجزئ وله أجر عظيم لموافقته للسنة، وأيضاً من صام
اليوم العاشر من محرم ولم يصم يوماً قبله أو بعده ، فعمله مجزئ وله أجره ، بخلاف من
صام يوماً قبله أو بعده، فقد أتى بالمجزئ وزيادة في لموافقته لسنته - صلى الله عليه
وسلم – حيث رغب بصيام يوم قبله أو بعده.
والله أعلم