الحمد لله.
ثانياً:
أما ضفر شعر الميت الرجل فلا يستحب ؛ لعدم ثبوته، وقد توفي في عهد صلى الله عليه
وسلم خلق كثير، ولم ينقل عن أحد أنه جُعل شعره ضفائر ، ونصوص الفقهاء تدل على ذلك ،
فإنهم يصرحون باستحبابه للمرأة ، بخلاف الرجل .
وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه: باب " يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون " .
قال الشافعي رحمه الله: " والمرأة في غسلها كالرجل ، وتتعهد بأكثر ما يتعهد به الرجل ، وأن يضفر شعر رأسها ثلاثة قرون فيلقين خلفها.." انتهى من "الأم" (8/131).
وقال البهوتي رحمه الله : " (وَ) كُرِهَ (تَسْرِيحُ شَعْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ رَأْسًا كَانَ أَوْ لِحْيَةً لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ وَعَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهَا مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيِّتٍ فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ "؟ ( وَيُسَنُّ أَنْ يُضَفَّرَ شَعْرُ أُنْثَى ثَلَاثَ قُرُونٍ وَسَدْلُهُ ) أَيْ إلْقَاؤُهُ (وَرَاءَهَا) .." انتهى من "دقائق أولي النهى" (1/350) .
والحاصل :
أن ضفر الشعر إنما ورد في غسل المرأة دون الرجل .
وأما تسريح رأس الرجل من منتصفه عند الغسل ، كما ورد في السؤال ، فهذا لا أصل له في
السنة فيما نعلم ، وحال الموت يختلف عن حال الحياة ؛ ولأجل ذلك ذهب جمهور العلماء
إلى كراهة تسريح رأس الميت ، كما سبق نقله عن الحنابلة .
والذين خالفوا الجمهور ، وهم الشافعية : إنما قالوا بجواز ذلك ، إذا كان الشعر
متلبدا ، لا أنه سنة مستحبة ، وشرطوا أن يكون بمشط واسع الأسنان، حتى لا يتساقط شعر
الميت .
ينظر : "أحكام الشعر في الفقه الإسلامي" لطه محمد فارس (235-257) .
والله أعلم