مات وترك بنتا وأختا وأبناء عم
هلك هالك عن بنت ، وأخت ، وأبناء العم ، هل في المسالة خلاف فقهي؟
الجواب
الحمد لله.
إذا مات الرجل وترك بنتا وأختا وأبناء عم ، فإن تركته تقسم كما يلي :
للبنت النصف : لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ )
النساء/11 .
وللأخت النصف ؛ تعصيبا للبنت .
ولا شيء لأبناء العم لأنهم محجوبون بالأخت .
قال البخاري في صحيحه : " باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة ". ثم روى بإسناده عن
الأسود قال : " قضى فينا معاذ بن جبل علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النصف
للابنة والنصف للأخت " .
وقال ابن بطال رحمه الله : " أجمعوا على أن الأخوات عصبة البنات ، فيرثن ما فضل عن
البنات ، فمن لم يخلف إلا بنتا وأختا فللبنت النصف ، وللأخت النصف الباقي ، على ما
في حديث معاذ ، وان خلف بنتين وأختا فلهما الثلثان وللأخت ما بقى ، وإن خلف بنتا
وأختا وبنت ابن : فللبنت النصف ولبنت الابن تكملة الثلثين وللأخت ما بقى على ما في
حديث بن مسعود ؛ لأن البنات لا يرثن أكثر من الثلثين ، ولم يخالف في شيء من ذلك إلا
بن عباس ، فإنه كان يقول : للبنت النصف ، وما بقى للعصبة وليس للأخت شيء .." انتهى
من "فتح الباري" (12/ 24).
وقال ابن قدامة في "المغني" (6/ 164) : " وهذا قول عامة أهل العلم , يروى ذلك عن
عمر , وعلي , وزيد , وابن مسعود , ومعاذ , وعائشة رضي الله عنهم ، وإليه ذهب عامة
الفقهاء إلا ابن عباس , ومن تابعه فإنه يروى عنه أنه كان لا يجعل الأخوات مع البنات
عصبة ، فقال في بنت وأخت : للبنت النصف ولا شيء للأخت . فقيل له : إن عمر قضى بخلاف
ذلك ؛ جعل للأخت النصف ؟ فقال ابن عباس أنتم أعلم أم الله ؟ يريد قول الله سبحانه :
( إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ) فإنما جعل لها الميراث بشرط
عدم الولد .
والحق فيما ذهب إليه الجمهور ، فإن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت : "
لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( للاِبْنَةِ
النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ الِابْنِ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ ) " ، رواه
البخاري (6742) وغيره .
واحتجاج ابن عباس لا يدل على ما ذهب إليه ، بل يدل على أن الأخت لا يفرض لها النصف
مع الولد ، ونحن نقول به ؛ فإن ما تأخذه مع البنت ليس بفرض ، وإنما هو التعصيب
كميراث الأخ ، وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قول الله تعالى :
( وهو يرثها إن لم يكن لها ولد ) ، وعلى قياس قوله ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في
توريثه منها عدم ولدها ، وهو خلاف الإجماع ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو
المبين لكلام الله تعالى ، قد جعل للأخت مع البنت وبنت الابن الباقي عن فرضهما ،
وهو الثلث " انتهى .
والحاصل : أن جماهير أهل العلم ، بل حُكي إجماعا كما سبق ، على أن الأخت تعصب البنت
أو البنات ، وتأخذ ما بقي .
والله أعلم .