الحمد لله.
وحيث يثبت للزوجة حق
الامتناع من تسليم نفسها لزوجها ، فإنه لا يثبت له حق استئذان لا في خروج ولا في
سفر .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " وكل موضعٍ قلنا لها الامتناع من تسليم نفسها :
فلها السفر بغير إذن الزوج ؛ لأنه لم يثبت للزوج عليها حق الحبس ، فصارت كمن لا زوج
لها ، ولو بقي منه – يعني : من مهرها - درهم كان كبقاء جميعه ؛ لأن كل من ثبت له
الحبس بجميع البدل ثبت له الحبس ببعضه كسائر الديون " انتهى من " المغني " ( 7/261
) . وينظر " بدائع الصنائع " ( 4 / 19 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله أيضا : " إذَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ ذَلِكَ، لَمْ
يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا
عِوَضَهُ، فَلَمْ يَلْزَمْهَا تَسْلِيمُهُ، كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي
بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ تَخْلِيَةُ
سَبِيلِهَا، لِتَكْتَسِبَ لَهَا، وَتُحَصِّلَ مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهَا؛
لِأَنَّ فِي حَبْسِهَا بِغَيْرِ نَفَقَةٍ إضْرَارًا بِهَا.
وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً، لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ
حَبْسهَا إذَا كَفَاهَا الْمُؤْنَةَ، وَأَغْنَاهَا عَمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ،
وَلِحَاجَتِهِ إلَى الِاسْتِمْتَاعِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، فَإِذَا انْتَفَى
الْأَمْرَانِ، لَمْ يَمْلِكْ حَبْسِهَا " انتهى من "المغني" (8/207) . وينظر :
"كشاف القناع" (5/477) .
وينظر جواب السؤال رقم (119496)
.
ثانياً:
للزوج الحق في منع امرأته من العمل خارج المنزل ، إلا أن تكون قد اشترطت عليه أن
تعمل بعد الزواج ، أو أن تستمر في عملها ، فيجب عليه الوفاء بالشرط ، قال تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/ 1 .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " فله – يعني : زوجها - منعها من
أن تدرِّس ، إلا إذا شرطت عليه في العقد أن تبقى مدرِّسة أو تتوظف مدرِّسة في
المستقبل وقَبِلَ بهذا الشرط ، فإنه يلزمه لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : (
إنَّ أَحَقَّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا
اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) – متفق عليه - " انتهى من " الشرح الممتع على
زاد المستقنع " ( 12 / 425 ، 426 ) .
وانظري جواب السؤال رقم (
126316 ) .
والله أعلم