الحمد لله.
وما ذكره العجلوني عن القاري
من قوله : " إذا ثبت رفعه إلى الصديق فيكفي العمل به "
صحيح ، لكنه لا أصل له عن الصديق رضي الله عنه ، فلا تجوز نسبته إليه ولا العمل به
.
والعجلوني رحمه الله ذكر ما ذُكر في هذه المسألة ، وضعفه كله .
وأما ما ذكره ابن عابدين في
حاشيته فهو إنما ذكره معتمدا على رواية الديلمي ، وقد تقدم أن ما ينفرد به لا يحتج
به ، مع ما يأتي ، ثم إن ابن عابدين قال بعد ذلك : " وذكر ذلك الجراحي – يعني
العجلوني - وأطال ثم قال : ولم يصح في المرفوع من كل هذا شيء " انتهى .
"حاشية ابن عابدين" (1 /398) فنقل عدم صحة شيء من ذلك ، وهو المعوّل عليه .
ثالثا :
هذه بعض النقول عن أهل العلم بشأن هذه المسألة وما روي فيها :
قال الحافظ السخاوي رحمه الله :
حديث ( مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن أشهد
أن محمدا رسول الله مع قوله أشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام
دينا وبمحمد نبيا ) :
ذكره الديلمي في " الفردوس " من حديث أبي بكر الصديق أنه لما سمع قول المؤذن : "
أشهد أن محمدا رسول الله " ، قال هذا وقبل باطن الأنملتين السبابتين ومسح عينيه
فقال : " من فعل مثل ما فعل خليلي فقد حلت عليه شفاعتي " : ولا يصح . "
ونقل في هذا الموضع ، بعضا من الحكايات في ذلك ، ثم قال :
" ولا يصح في المرفوع من كل هذا شيء " انتهى من"المقاصد الحسنة" (ص 604-606) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
" حديث من قال حين يسمع أشهد أن محمدا رسول الله مرحبا بحبيبي وقرة عيني محمد بن
عبد الله ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه لم يعم ولم يرمد أبدا " : قال في
التذكرة : لا يصح " انتهى من "الفوائد المجموعة" (ص 20) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه
الله في كتابه "تصحيح الدعاء" (447 ) :
" النفخ على الإبهامين ومسح العينين بهما : جهالة ؛ لا أصل له " انتهى .
وقال عبد الرزاق البدر في
كتابه "فقه الأدعية والأذكار" (2/195-196) :
" ومن الهيئات المحدَثة في رفع اليدين تقبيل الإبهامين ووضعُهما على العينين عند
ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان أو غيره ، وقد روي في ذلك حديثٌ باطلٌ
لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولفظه : " من قال حين يسمع أشهد أنَّ محمداً
رسول الله: مرحباً بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله ثمَّ يُقبِّل إبهامَه
ويجعلهما على عينيه لَم يعمَ ولم يرمد أبداً " ، و قد نصَّ غيرُ واحدٍ من أهل العلم
على أنَّ هذا الحديث باطلٌ لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خزعبلات
المتصوِّفة أنَّ بعضهم ينسب ذلك لقول الخضر عليه السلام " انتهى.
والله تعالى أعلم .