تزوجت نصرانيّاً ثم تابت وانفصلت عنه فأهداها أموالاً فهل تقبلها ؟

28-07-2012

السؤال 181613


امرأة مسلمة كانت متزوجة لمدة عشر سنوات بإيطالي غير مسلم ! رغم علمها بحكم الشرع في ذلك ، تقول : على أنه في مدة زواجهما كان ذلك الزوج يضع أموالا في البنك لشراء منزل لهما ، لكن الآن وبعد كل تلك السنوات من الزواج وبعد ندمها على فعلتها وعلى معصيتها لله تعالى طلبت الطلاق ، فوافق الزوج الكافر على ذلك ، بل وتنازل لها على تلك الأموال المودعة في البنك ، فهي تسأل - أثابكم الله - : هل يجوز أن تقبل منه تلك الأموال ؟ وما حكم الشرع في ذلك ؟ وهل يقبل الله تعالى توبتها ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
أجمع أهل العلم على حرمة تزوج المرأة المسلمة من رجل كافر ، وإذا تمَّ بينهما عقد زوجية فهو لاغٍ غير صحيح ومع علمها بالحكم الشرعي هذا تكون زانية تستحق إثم وعقوبة الزنى ، وقد بينَّا ذلك في جواب السؤال رقم ( 100148 ) فلينظر .

ثانياً:
مع أن ما فعلته تلك المرأة معصية كبيرة وذنب عظيم إلا أن هذا لا يعني انغلاق باب التوبة في وجهها ، بل إن باب التوبة مفتوح لكل المذنبين مهما عظمت ذنوبهم وكثرت ، والمهم أن يدرك الواحد منهم وقت التوبة قبل موته ويعجل بها خشية أن يدركه الأجل فيلقى ربَّه على هذا الذنب العظيم .
وقد أحسنت تلك المرأة المسلمة بندمها على فعلتها ، وانفكاكها عن ذلك الرجل الكافر ، وإذا صدقت في توبتها وندمت على فعلها وعزمت على أن لا ترجع لمثلها فإن الله تعالى يقبل توبتها ويثيبها عليها خيراً ، قال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 ، وقال تعالى : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ ) الرعد/ 6 ، وقد نصَّ الله تعالى على قبوله توبة أصحاب الذنوب الكبيرة – وهي الشرك والقتل والزنى – فقال عز وجلَّ : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/ 68 – 71 .
ثالثاً:
أما بخصوص ما أعطاه ذلك الرجل من مالٍ لها : فلا نرى بأساً من قبوله والانتفاع به ، وقد أهدى " ملِك أيلة " للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه بُرداً ، وقبِلَها ، كما رواه البخاري ( 2990 ) ومسلم ( 1392 ) ، وأهدى له " فروة بن نفاثة الجذامي " كما رواه مسلم ( 1775 ) ، وقبِل النبي صلى الله عليه وسلم هدية " أكيدر دومة الجندل " كما رواه البخاري ( 2472 ) - ولم يسمَّ المُهدي - ومسلم - واللفظ له - ( 2071 ) ، وثمة أحاديث أخرى تبين جواز الهدايا بين المسلمين والكفار أخذاً وإعطاء ، وانظر جواب السؤال رقم ( 11564 ) .
ولعلَّ هذا المال أن يعينها على ابتداء حياة جديدة نظيفة تستغني به عن عمل مختلط أو استجداء أحد من الناس ، ونرجو الله أن يقبل توبتها وأن يجعل ما أخذته من مال حلالاً طيباً ، ونوصيها بالإسراع بالتزوج – بعد الاعتداد بحيضة – من مسلم صالح حتى تقطع على شياطين الإنس والجن تذكيرها بسالف عهدها والوسوسة لها بالرجوع لسابق فعلها ، ولْتحرص على تعويض ما فاتها من سنوات ضياع بالإكثار من الأعمال الصالحة والحرص على مصاحبة الطيبات والخيِّرات من النساء ، ولتحرص على طلب العلم وحفظ ما تيسر القرآن لتعمر قلبها بالخير والهدى ، والله يحفظها ويسددها ويوفقها لما فيه رضاه .

والله أعلم.

الهدية والهبة والعطية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب