ابنتي توفيت وعمرها 8 سنوات في حمام سباحة ، وهى كانت ما شاء الله عليها ، تقية جدا وتخاف من الله عز وجل أكثر مني ؛ سؤالي : أنا على حد علمي أن الغريق شهيد ، والطفل الذي لم يبلغ الحلم من الأبرار . سؤالي : هل هي في الجنة أم لا ؟
إنني متأكده من رحمة الله عليها أنها تنالها برحمته , أنا أمها وماتت على صدري وغسلتها ووقفت مع من دفنها ، وإلى الآن لم أبك دمعة بدون مبالغة ، وعندي قوة تحمل وصبر فوق أي بشر ؛ فهل هي شهيدة فعلا ؟ وهل تحس بصبري عليها ؟
الحمد لله.
أولا :
نسأل الله أن يثبتك ويجزيك الخير على صبرك على مصيبتك في ابنتك الصغيرة ، نسأل الله لها الجنة ، ولك ولزوجك المثوبة الحسنة .
وهذا الصبر على المصيبة والبلاء هو من رحمة الله بعبده المؤمن .
ثانيا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (3095) (98575) بيان أن الغرق شهادة وأن الغريق من الشهداء .
ثالثا :
أطفال المسلمين في الجنة بالإجماع :
قال النووي رحمه الله :
" أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدّ بِهِ مِنْ عُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَال الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْل الْجَنَّة ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا " انتهى من " شرح مسلم " (16/207) .
وقال ابن باز رحمه الله :
" أطفال المسلمين من أهل الجنة بإجماع أهل السنة والجماعة " .
انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5 /182) .
ويمكنك مراجعة إجابة السؤال رقم (117432) لتتعرفي على رحلتهم السعيدة ابتداء بالبرزخ ثم عند البعث والحساب يوم القيامة ، ثم عند دخول الجنة .
ولا شك أن ابنتك رحمها الله إذ توفيت غريقة وهي صغيرة لم تبلغ الحلم مع كونها كانت تخاف الله على صغر سنها أن ذلك من المبشرات ، فلتهنئي ولتحسني الظن بالله .
وقد ثبت في السنة أن الصبيان يشفعون في آبائهم يوم القيامة ، كما ثبت أن الشهيد يشفع في سبعين من أقاربه ، راجعي إجابة السؤال رقم (98575) .
رابعا :
مذهب أهل السنة والجماعة أنا لا نقطع لمعين بجنة أو نار ، ولو كان طفلا صغيرا ، إلا لمن ثبت في حقه النص بذلك على التعيين ، راجعي إجابة السؤال رقم (731) .
وقد روى مسلم (2662) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : " دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ، قَالَ :( أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ) .
قال ابن باز رحمه الله :
" والمقصود من هذا منعها من أن تشهد لأحد معين بالجنة أو بالنار، ولو كان طفلا لا يشهد له " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (25 /122) .
وعلى ذلك : فنرجو لابنتك الجنة بفضل الله ، ولكننا لا نقطع لها بذلك ؛ لأن القطع لمعين بجنة أو نار لا بد له من نص صحيح صريح ، إلا أننا نقول : أطفال المسلمين في الجنة – هكذا بإطلاق دون تعيين – كما تقدم حكاية الإجماع فيه - .
وإذا كنا لا نقطع لمعين بجنة أو نار ، فمن باب أولى لا نحكم له بمنزلة معينة في الجنة أو في النار .
وكذا نقول : الغرق شهادة ، ولكننا لا نقطع لمعين مات غريقا أنه في منازل الشهداء .
خامسا :
أما قولك : هل تحس بصبرى عليها ؟ فعلم ذلك عند الله ؛ لأن العبد إذا مات انقطعت صلته بالدنيا وأهلها ، فلا نستطيع القطع بذلك ، كما لا نستطيع نفيه بإطلاق ، وهو من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" وأما كون الميت يطلع على أحوال أهله ويعلم أخبارهم فهذا لا دليل عليه ، قد قاله بعض الناس في بعض مرائيهم ، وزعموا أنهم يرون بعض موتاهم وأنهم يخبرونهم ببعض ما قد يقع ، ولكن هذا لا يعول عليه ، المرائي المنامية لا يعول عليها في أشياء من علم الغيب ، ولكن على المؤمن أن يحرص على الإحسان إلى أمواته سواء عرفوا أو ما عرفوا ، عليه أن يحرص على الدعاء لهم والترحم عليهم وعلى الصدقة عنهم " انتهى من موقع الشيخ .
http://www.binbaz.org.sa/mat/10396
فعليك بالدعاء لها وحسن الظن بالله في شأنها ، وصبرك عليها من جملة فضل الله وإحسانه عليك ، وليس لذلك سر أو مغزى معين .
وننصحك بألا تكثري التفكير بهذا الشأن ؛ حتى لا تتوارد عليك التساؤلات والإشكالات ، فالزمي ما أنت عليه من الصبر ، واستعيني بالله .
والله أعلم .