الحمد لله.
أولا :
يجوز التوسع في الأكل بأكل لونين من الطعام فأكثر ، سواء كان ذلك من نوع واحد أو من
أنواع متعددة ؛ إذ الأصل في المطعومات الجواز والحل إلا ما حرم الله ورسوله ، وليس
من حق أحد أن يحرم ما أحل الله من الطيبات ، كما أنه ليس من حق أحد أيضا أن يحل ما
حرم الله ؛ بل كلاهما سواء ، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا
تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ
لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) المائدة/ 87 ، وقال : ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا
أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً
أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا
أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ
رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام/ 145 ، وقال : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
الأعراف/ 32 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" يقول تعالى ردًا على من حَرَّم شيئًا من المآكل أو المشارب والملابس من تلقاء
نفسه من غير شرع من الله : قُلْ يا محمد ، لهؤلاء المشركين الذين يحرمون ما يحرمون
بآرائهم الفاسدة وابتداعهم: ( مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ
لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) " انتهى من "تفسير ابن كثير" (3
/408) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" تحريم الحلال كتحليل الحرام " انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (1 /16) .
ثانيا :
قد ورد في خصوص المسألة المذكورة ، وهي الجمع بين لونين من الطعام في آن واحد ، ما
يؤكد أنها على الإباحة الأصلية ، وأنها ليس ممنوعا منها .
روى البخاري (5440) ومسلم (2043) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : "
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ
بِالرُّطَبِ " .
وبوب له البخاري : " باب جمع اللونين أو الطعامين بمرة " .
قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ : جَوَاز أَكْلهمَا مَعًا , وَأَكْل الطَّعَامَيْنِ مَعًا , وَالتَّوَسُّع
فِي الْأَطْعِمَة , وَلَا خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء فِي جَوَاز هَذَا , وَمَا
نُقِلَ عَنْ بَعْض السَّلَف مِنْ خِلَاف هَذَا فَمَحْمُول عَلَى كَرَاهَة
اِعْتِيَاد التَّوَسُّع وَالتَّرَفُّه وَالْإِكْثَار مِنْهُ لِغَيْرِ مَصْلَحَة
دِينِيَّة " انتهى .
وروى أبو داود (3837) عَنْ
ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ قَالَا : "دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا ، وَكَانَ
يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ " وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
ثالثا :
ينبغي مراعاة ألا يتعدى ذلك إلى الإسراف ، وألا يكون ذلك دأب المسلم في طعامه
فتلهيه شهوة بطنه عما يهمه من أمر الآخرة ، بل ينبغي أن يعود نفسه على ترك الرفاهية
أحيانا ، حتى ولو كان ذا سعة من المال ، لئلا تغلبه نفسه على شيء ، ومن يدري ماذا
يكون من شأن الناس غدا
راجع لمزيد الفائدة إجابة السؤالين رقم (102374)
، (145160) .
والله أعلم .