الحمد لله.
ولم نجد لهذا الكلام أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا بسند صحيح ولا بسند ضعيف ، ولا وجدناه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولا علمنا أحدا من أهل العلم – بعد البحث والتحري – ذكر شيئا من ذلك ، فالواجب ترك ذكره ، والحذر من تناقله ونشره بين الناس .
وفي فضل التسبيح والتحميد
والباقيات الصالحات من الأحاديث الصحيحة ما يغني عن ذلك ، فمن ذلك ما رواه مسلم
(223) عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَالصَّلَاةُ
نُورٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ) .
وروى أحمد (6547) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ : إِنِّي
قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ وَأَنْهَاكَ عَنْ اثْنَتَيْنِ
: آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ
وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ فِي كِفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَوْ أَنَّ
السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً
قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ وَبِهَا
يُرْزَقُ الْخَلْقُ ... ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (134)
والنصوص في ذلك كثيرة .
ثانيا :
أما خبر آدم عليه السلام : فقد روى الترمذي (3368) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا خَلَقَ
اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ
. اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ - إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ –
فَقُلْ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ
اللَّهِ . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ
وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ ... ) .
قال الترمذي عقبه : " هذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَقَدْ
رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وروى ابن حبان في "صحيحه" (6164) والبيهقي في "الشعب" (9323) عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لما خلق الله آدم عطس فألهمه ربه أن قال :
فقال له ربه : يرحمك الله ) .
وروى ابن حبان أيضا (6165) عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ( لما نفخ في آدم ، فبلغ الروح رأسه عطس ، فقال: الحمد لله رب العالمين.
فقال له تبارك وتعالى : يرحمك الله ) .
لكن قول القائل في هذه القصة
: ( وهكذا كانت هذه الكلمات ) : أيضا مما لا أصل له في قصة آدم ، أن هذا أول معرفة
الخلق بحمد الله ، بل كل ما فيها أن الله ألهمه الحمد حينئذ ، ولا زيادة على ذلك ،
ولا أن هذه الكلمات خلقها الله حينئذ ، ولا أن هذه الكلمات مخلوقة أصلا ؛ بل كل هذا
من التخرص ، والرجم بالغيب .
وينظر : جواب السؤال رقم : (10153)
.
ثم إن التسبيح والذكر كان معروفا لدى الملائكة قبل خلق آدم عليه السلام ؛ كما قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة /30 .
والتسبيح والتحميد والتقديس
والذكر من وظائف الملائكة الدائمة ، لا يفترون عن ذكر الله ، وقد خلقهم الله قبل
آدم ؛ كما قال تعالى : ( فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ
يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ) فصلت/ 38
فلا يتوهمنّ السائل أن التسبيح والتحميد والتكبير لم يكن معروفا لدى الملائكة قبل
خلق آدم عليه السلام .
والله تعالى أعلم .