في عقد التوريد ، هل يجوز للمستورد أن يؤخر دفع الثمن للمورد ؟

17-04-2013

السؤال 192623


نقوم بتصدير سلع خارج البلاد بحيث نحدّد سعر ما نستطيع توفيره إلى أجل معلوم ، وإذا قبل المشتري نقبض منه شطر الثّمن ، وبهذا المبلغ ندفع بدورنا شطر ثمن السّلع لمن نشتريها منه ، على أن ندفع الباقي في أجل معلوم ، ثم نقوم بنقل السّلع إلى الميناء مكان التّسليم المحدّد ، وبعده نقبض باقي الثّمن من المشتري وندفع بدورنا الشّطر الثّاني لمن اشترينا منه .
هل هذا التّعامل شرعي ؟ وإن لم يكن كذلك ، فما هي الطّريقة الشّرعية لمثل هذا التّعاملات مع التّوضيح ؟

الجواب

الحمد لله.


ما تقومون به من توفير السلع للتجار مقابل مبلغ معين ، هو عقد توريد ، وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية ، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ - 1 رجب 1421هـ الموافق 23 - 28 أيلول (سبتمبر) 2000م .
قرار بشأن عقد التوريد ، جاء فيه :
" أولًا : عقد التوريد : عقد يتعهد بمقتضاه طرف أول بأن يسلم سلعًا معلومة ، مؤجلة ، بصفة دورية ، خلال فترة معينة ، لطرف آخر ، مقابل مبلغ معين مؤجل كله أو بعضه .
ثانيًّا : إذا كان محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة ، فالعقد استصناع تنطبق عليه أحكامه ، وقد صدر بشأن الاستصناع قرار المجمع رقم : 65 (3/7) .
ثالثًا : إذا كان محل عقد التوريد سلعة لا تتطلب صناعة ، وهي موصوفة في الذمة يلتزم بتسليمها عند الأجل ، فهذا يتم بإحدى طريقتين :
أ- أن يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد ، فهذا عقد يأخذ حكم السلم ، فيجوز بشروطه المعتبرة شرعًا المبينة في قرار المجمع رقم 85 (2/9) .
ب- إن لم يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد ، فإن هذا لا يجوز ؛ لأنه مبني على المواعدة الملزمة بين الطرفين , قد صدر قرار المجمع رقم (40 - 41 ) المتضمن أن المواعدة الملزمة تشبه العقد نفسه ، فيكون البيع هنا من بيع الكالئ بالكالئ . أما إذا كانت المواعدة غير ملزمة لأحد الطرفين أو لكليهما فتكون جائزة على أن يتم البيع بعقد جديد أو بالتسليم " انتهى .

فبناءًا على ما سبق ، ينظر في السلع التي توردونها للتجار ، فإن كانت من السلعة التي تتطلب صناعة ، أي : أن السلعة غير موجودة حال الاتفاق على توريدها ، وأنها سوف تستصنع لاحقاً ، فهذا من باب الاستصناع ، والاستصناع يجوز فيه تأجيل الثمن أو بعضه ، وينظر للفائدة جواب السؤال : (2146) .

وأما لو كانت السلعة التي تم الاتفاق على توريدها لا تتطلب صناعة ، بل هي موجودة في السوق ، فهذا من باب السلم ، فيشترط فيه ما يشترط في السلم : من تعجيل كامل المبلغ عند العقد ، مع ضبط السلعة من جهة أوصافها ، وغير ذلك من شروط السلم .

فإذا لم يحصل دفع لكامل الثمن من المستورد ( المشتري ) – كما هو الحاصل معكم - ، فالمخرج من هذا أحد طريقين :
الأول :
أن يكون عقد الشراء بين المورد والمستورد غير ملزم للطرفين ، بل هو وعد بالشراء من غير إلزام ، كما جاء التنصيص على هذا في قرار المجمع المذكور سابقاً .

قال الشيخ سعد بن تركي الخثلان حفظه الله – عند كلامه عن عقد التوريد - : " ومن المخارج الشرعية لهذا المحذور : أن يكون الاتفاق بين المورد والمستورد ( صاحب المحل ) على سبيل الوعد غير الملزم ، فيبدي المستورد للمورد الرغبة في سلعة معينة ويعده وعداً غير ملزم ، بأنه إذا ورّد هذه السلعة فسوف يشتريها منه ولا يكون بينهما عقد ، وإنما وعد غير ملزم ، فيقوم المورد باستيراد السلعة المرادة ، ثم يبيعها على المستورد بعد ذلك ، فحكمه أنه لا بأس به ، وتدخل هذه الصورة في بيع المرابحة للآمر بالشراء " انتهى بتصرف من " فقه المعاملات المالية المعاصرة " للخثلان (ص/141) .

الثاني :
أن يكون المورد وكيلا عن المستورد في توريد السلع ، ويأخذ على توريده ذلك أجرة أو نسبة ، بحسب ما يتفقان عليه ، فإذا كان المورد وكيلاً ، فلا يضر في هذه الحال أن يورد البضاعة للمستورد ، حتى ولو لم يدفع المستورد كامل الثمن .

مع التنبيه إلى أن ما ينطبق على العقد بينكم وبين من توردون إليه السلع من أحكام ، ينطبق بدوره على التعاقد بينكم وبين من تشترون منه هذه السلع .

وللاستزادة ينظر جواب السؤال رقم : (179228) .

والله أعلم .

البيوع
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب