الحمد لله.
ثانياً :
مناط التكليف بالأوامر والنواهي مرده إلى البلوغ والعقل ، فمتى كان الشخص بالغاً
عاقلاً وجب عليه فعل المأمورات من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها من الواجبات ، كما
يلزمه اجتناب المنهيات .
جاء في " فتاوى اللجنة
الدائمة - المجموعة الثانية " (6/370) : " الصلاة واجبة على الإنسان ، ولا تسقط عنه
بحال ما دام عقله موجودا ؛ إذ مناط التكليف البلوغ والعقل ، ولا يسقط الأمر بالصلاة
لتلف عضو ، أو حدوث مرض ، ونحو ذلك من العوارض ؛ لعموم أدلة الكتاب والسنة وإجماع
العلماء على ذلك ، لكن من أصيب بشيء في بدنه ولا يستطيع أداء جميع واجبات الصلاة
وأركانها ، فإنه يصلي حسب استطاعته " انتهى .
فعلى هذا : إذا كان ذلك
المرض النفسي لا يزول معه عقل صاحبه ووعيه ، كما هو ظاهر حاله المذكور : فإنه يلزمه
فعل الصلاة والصيام ؛ لأنه لا يزال مكلفاً .
وإذا كان يجن ( يزول عقله ) بعض الوقت ، ويفيق بعضا : فإنه معذور وقت زواله عقله ،
فإذا أفاق فقد زال عذره ، ووجب عليه أن يصلي صلاة الوقت الحاضر ، ويقضي ما فاته وقت
زوال عقله .
والواجب عليكم نصح ذلك الرجل ، وتذكيره بعظم شأن الصلاة والصيام ، وأن تاركهما بدون
عذر على خطر عظيم ، بل إن البعد عن ذكر الله من أعظم أسباب الأمراض النفسية ، كما
قال تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ) سورة
طه / 124 ، كما أن ذكره سبحانه من أسباب طمأنينة القلب ، قال تعالى : ( أَلاَ
بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) سورة الرعد / 28 .
وليعلم العبد أن مسؤول عن أعماله كلها أمام ربه سبحانه وتعالى ، ما دام مدركا لما
يقول ويفعل ، ومرضه ليس عذرا له في أن يفعل ما شاء من المعاصي : ترك الصلاة ،
الغيبة ، والنميمة .. ، وليس لعبد حجة على ربه جل وعلا ؛ بل لله الحجة البالغة على
خلقه أجمعين .
نسأل الله أن يصلح أحوال
المسلمين ، وأن يردهم إليه رداً جميلاً .
والله أعلم .