الحمد لله.
هذه المسألة اختلف فيها
المعاصرون على قولين :
استدل القائلون بعدم الجواز بدليلين :
الدليل الأول : أن السحب بتلك الطريقة فيه شبهة ربا من جهتين : من جهة البنك
المسحوب منه ( صاحب الجهاز ) ، ومن جهة البنك المصدر للبطاقة .
ووجه ذلك : أن البنك المسحوب منه بتلك البطاقة يعود على البنك المصدر للبطاقة بمبلغ
معين مقابل كل عملية سحب يقوم بها العميل صاحب البطاقة ، فإذا فرضنا : أن العميل
الذي لديه بطاقة صرافة من ( الراجحي ) قد سحب من جهاز ( سامبا ) مبلغ وقدره (5000)
، فإن بنك ( سامبا ) سيرجع على ( الراجحي ) بمبلغ ( 5000) مع زيادة ( أربعة ريالات
) ، فيكون المأخوذ من الراجحي ( 5004 ) ، وهذا عين الربا سواء قلنا : إن المال
المسحوب من ( سامبا ) كان قرضاً لذلك العميل من بنك ( سامبا ) ، فيكون الربا حاصل
بين البنكين ، أو قلنا : إن المال المسحوب من ( سامبا ) هو عين مال ذلك العميل ،
فيكون الربا واقعا بين البنك المصدر للبطاقة وبين العميل ؛ لأن حامل البطاقة الذي
لديه حساب في بنك ، هو في الحقيقة مقرض لذلك البنك ، فإذا دفع عنه ذلك البنك أجور
وتكاليف استخدام البطاقة في جهاز بنك آخر ، فكأنه رد له القرض مع زيادة .
الدليل الثاني : أن السحب
بتلك الطريقة ، فيه إعانة ودعم للبنوك الربوية ، فإذا سحب الشخص من بنك ربوي ، فإن
البنك الربوي يستفيد من تلك السحوبات مبالغ مالية .
وأما من رأى الجواز ، فأجاب
عن الدليلين السابقين :
الأول : عدم التسليم بوجود شبهة ربا ؛ وذلك لأن حامل البطاقة إذا سحب من جهاز بنك
آخر ، فهو في الحقيقة إنما يسحب من رصيده الموجود في البنك الذي صدر له البطاقة ؛
بدليل أنه بمجرد حصول السحب يخصم المبلغ فورا من رصيده الموجود في ذلك البنك .
فعلى هذا ، يكون دور البنك ( صاحب الجهاز ) من باب الوكالة في إيصال ذلك المبلغ ،
وإذا كان كذاك جاز له أخذ ذلك المبلغ ( أربعة ريالات ) ؛ لأن الوكيل يجوز له أخذ
الأجرة على الوكالة .
وأما مسألة : دفع البنك المصدر للبطاقة عن حامل البطاقة ، تكاليف ورسوم ذلك السحب ،
مع أنه في حكم المقترض من حامل تلك البطاقة ، فيقال : منفعة دفع تلك الرسوم راجعة
للطرفين المقرض والمقترض ، فالمقرض ( حامل البطاقة ) يتسنى له الحصول على ماله ،
والمقترض ( البنك مصدر البطاقة ) يستفيد من جهة إسقاط التكاليف الحاصلة من انشغال
الموظفين عنده فيما إذا جاء صاحب البطاقة لديه في البنك .
فالمنفعة في هذه الحال حاصلة
للطرفين ، وهذا جائز ، بخلاف لو كانت المنفعة حاصلة للمقرض فقط ، فهي التي لا تجوز
.
الثاني : أما كونه إعانة
لأصحاب تلك البنوك الربوية ، فيقال : ليس كل تعامل مع بنك ربوي يعد من باب الإعانة
على المعصية ، فالنبي صلى الله عليه وسلم تعامل مع اليهود بيعاً وشراءً ، وهم
معروفون بتعاملهم بالربا .
والذي يظهر – والله أعلم –
القول بالجواز ، فإن ترك الإنسان السحب من غير بنكه الذي فيه حسابه تورعاً ، خاصةً
إذا كان الجهاز المراد السحب منه ملكاً لبنك ربوي ، فحسن .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه
الله : " ومن خدماتها – أي : بطاقة الصرف الآلي - : أن لحاملها الصرف بها من " شبكة
البنوك الأخرى " المشاركة في تأمين ( أجهزة الصرف ) على الطرقات ، لكن هنا حسب نظام
شبكات الصرف : إذا كان حامل البطاقة صرف بها من جهاز صرف لغير مصدرها ، فإن جهة
الجهاز تأخذ من مصدر البطاقة عمولة خدمة السحب في حدود " أربعة ريالات " في الألف .
حكمها :
وهذا النوع من البطاقات بهذا الوصف ليست محل بحث ؛ لعدم وجود أي شائبة في حلها ،
وما لم يحصل لها شرط أو وصف إضافي ينقلها من الحل ، ويحولها إلى التحريم ، وهي في
حال تحويل حاملها للتاجر تكون : " وكالة " ، لأن له حساباً لدى المصرف ، فوكله
بالسداد عنه من حسابه " انتهى من " بطاقة الائتمان " (ص/10) – ترقيم الشاملة - .
وينظر للاستزادة في نقل
الخلاف وأدلة كل طرف إلى البحوث العلمية التالية على الشبكة العنكبوتية :
" بطاقات الائتمان حقيقتها وأحكامها للشيخ سعد الخثلان على موقعه " ، " فقه
المعاملات المصرفية للشيخ يوسف الشبيلي " ، " المسائل الطبية والمعاملات المالية
المعاصرة للشيخ خالد المشيقح " .
ثانياً :
الشراء من المحلات التجارية عن طريق بطاقة الصراف ( الشبكة ) جائز لا شيء فيه .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
نرجو من فضيلتكم إفادتنا عن استخدام بطاقة الشبكة السعودية في شراء بعض الاحتياجات
من المحلات التجارية والتي تكون بالطريقة التالية : عندما يتحدد مبلغ الشراء مثلا
(150 ريالا) يقدم البطاقة للبائع ويمررها بالجهاز الموجود لديه ، وتخصم القيمة
الشرائية في الحال ، وذلك بتحويل المبلغ المشترى به من حساب المشتري إلى حساب
البائع في نفس الوقت ، أي : قبل مغادرة المشتري المتجر .
فأجابت : " إذا كان الأمر
كما ذكر ، فإنه لا مانع من استخدام البطاقة المذكورة ؛ إذا كان المشتري لديه رصيد
يغطي المبلغ المطلوب " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى "
(13/527) .
والله أعلم .