الحمد لله.
والحاصل من ذلك كله : أن الحديث المذكور ضعيف ، ليس له طريق يعتمد عليها ، ولا يتقوى بمجموع طرقه لشدة ضعفها .
ثانيا :
أصح ما ورد في فضل الوضوء عند النوم ما رواه البخاري (247) ومسلم (2710) عَنْ
الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ
لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ :
اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ،
وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ
وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي
أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ
فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ) .
راجع إجابة السؤال رقم (12782)
، والسؤال رقم (131796)
.
فمن توضأ قبل نومه ثم اضطجع
على شقه الأيمن وقال هذا الدعاء ثم مات : مات على الفطرة.
وروى أبو داود (5042) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا
فَيَتَعَارُّ مِنْ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
فمن توضأ قبل نومه ثم تعار من الله فسأل الله أعطاه من فضله .
ثالثا :
من استطاع أن يمكث طوال اليوم طاهرا فهو خير وفضل ، ولا نعلم في فضل ذلك حديثا عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن العبد إذا كان طاهرا تمكن من فعل ما لا يتمكن من
فعله إذا كان على غير طهارة ، فإذا دخل المسجد تمكن من الصلاة ، وإذا أراد تلاوة
القرآن تمكن من مس المصحف ، وإذا أراد ذكر الله كان ذكره ربه وهو على طهارة أفضل من
ذكره وهو محدث ، وإذا حضرته الصلاة تمكن من الصلاة ، فلم يتأخر عن الصف الأول ولم
تفته تكبيرة الإحرام .
فالذي يحرص على طهارته دائما يكون دائما أقرب إلى الله ، متمكنا من فعل العبادة .
وقد روى ابن ماجة (277) عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ
أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ )
صححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .
قال الباجي رحمه الله :
" يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُدِيمُ فِعْلَهُ بِالْمَكَارِهِ
وَغَيْرِهَا مُنَافِقٌ ، وَلَا يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا مُؤْمِنٌ "
انتهى من "المنتقى" (1/ 74) .
فالوضوء من خصال أهل الإيمان ، وهو من مكفرات الذنوب .
والله أعلم .