حكم المتاجرة بتذاكر المواصلات العامة حال الازدحام وحاجة الناس إليها

10-01-2014

السؤال 194915


أنا طبيبة في مستشفى في القاهرة وأسافر كل يوم في القطار من مدينة طنطا ، حجز القطار صعب جدا ؛ لشدة الزحام على القطارات المتجهة للقاهرة خصوصا . نحن نحجز التذكرة ب 4 جنيه وربع ،وتنفد تذاكر القطار قبل أن نتمكن من الحجز ، الآن بعض الناس تحجز تذاكر زيادة ، ثم يقومون ببيعها للمسافرين بسعر أقل من تسعيرة الحكومة فبعضهم يبيع التذكرة ب 5 جنيه ، وبعضهم يبيعها ب 8 جنيه . ولو معك تذكرة زيادة لا تريدها يمكن أن تبيعها لهم بـ 5 جنيه . والسؤال : هل يجوز المتاجرة في تذاكر القطار وبيعها بسعر أعلى من ثمنها الأصلي ؟ أحياناً يبقى معي تذكرة لا أريدها فأعطيها لأي شخص يريدها بنفس السعر الذي اشتريتها به ، لكن إذا عرفت أنه سبيعها لشخص آخر بسعر أغلى هل يكون هذا حرام علي ؟

الجواب

الحمد لله.


الأصل حل البيع والشراء في كل ما أباحه الشرع لعموم قول الله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) سورة البقرة/275، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) رواه مسلم (1522 ) .
ولكن هذا الأصل قد يطرأ عليه ما يخرجه عن حكمه الشرعي وهو الإباحة ، ومن ذلك أن تؤدي المتاجرة في هذه السلعة إلى ضرر يلحق بالناس ، ومن المعلوم أن الدولة توفر تذاكر السفر في القطارات وغيرها من وسائل المواصلات العامة بشيء من الدعم وبأسعار مناسبة لجميع طبقات المجتمع بحيث يراعى فيها حال جميع الناس خصوصا محدودي الدخل , والمتاجرة في هذه التذاكر يؤدي إلى ارتفاع ثمنها وإلى تضرر الناس من ذلك خصوصا الفقراء , وإلى ضياع الفائدة التي من أجلها دعمتها الحكومة ، وباعتها بسعر منخفض .
وعليه : فلا يجوز المتاجرة بها بل يأخذ الشخص التذكرة ليسافر بها , فإن عرض له ما يمنعه من السفر : فإما أن يردها إلى الجهة التي تصدرها ، ويسترد ثمنها , وإما أن يبيعها لغيره من المسافرين بنفس قيمتها.
وقد وُجِّه سؤال إلى دائرة الإفتاء العام بدولة الأردن ونصه : ما حكم المتاجرة بالسلع المدعومة من الدولة ؛ حيث يقوم كثير من التجار بشراء كميات من المواد الغذائية ونحوها من المؤسسات المدنية والعسكرية من أجل المتاجرة بها؛ وذلك لزيادة أرباحهم كونها أقل كلفة من السلع التي تُباع في الأسواق التجارية الخاصة؟
فكان الجواب :
، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله , من المقرر فقهاً أن مِن واجبات ولي الأمر رعاية الفقراء والمحتاجين من رعيته ، وتحقيقاً لهذه الغاية تقوم الدولة بدعم بعض السلع الأساسية من أجل توفير الحاجات لهم بأسعار مخفضة ليتمكنوا من الحصول عليها.
ومن الأساليب التي تتبعها الدولة إنشاء أسواق تجارية ؛ كالمؤسسات المدنية والعسكرية لتوفير تلك السلع والحاجات. وعليه فإنه لا يجوز المتاجرة بهذه السلع التي تتمتع بدعم من الدولة في الأسواق التجارية الخاصة، وذلك لما يلي:
أولا : أنها تُفوِّت مقصد الدولة من دعمها لتلك السلع.
ثانيا : أنها ستُلحق ضرراً بمن خُصص لهم الدعم؛ لأنها ستتسبب في ارتفاع الأسعار.
ثالثا : أنَّ فيها مخالفة لتعليمات ولي الأمر؛ من حيث إنها مخصصة للاستهلاك لا للمتاجرة، وإنها مقيدة بكميات حسب الحاجة الاستهلاكية. والله تعالى أعلم.
تراجع الإجابة على هذا الرابط:
http://aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=1977#.UtEnAtJdXdM
وعليه فلا يجوز لك بيع هذه التذاكر إلا لمن يحتاجها وبنفس سعرها , أما بيعها لمن يحتاجها بأغلى من سعرها فلا يجوز , وكذلك لا يجوز بيعها – ولو بسعرها – لمن تعلمين أنه سيتاجر بها ويبيعها بسعر أعلى ؛ لأنك بهذا تكونين معينة له على معصيته , وهذا محرم لقوله تعالى ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
قال الإمام الجصاص في "أحكام القرآن" (2/429) : " وقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) يقتضي ظاهره إيجاب التعاون على كل ما كان طاعة لله تعالى ; لأن البر هو طاعات الله . وقوله تعالى : ولا تعاونوا على الإثم والعدوان نهي عن معاونة غيرنا على معاصي الله تعالى " انتهى .
فكما أن الله تعالى حَرَّم علينا أن نعصيه ، حَرَّم علينا أن نعين العاصي على معصيته .
لكن إذا لم تتمكني أنت من الحصول عليها بسعرها الرسمي ، واحتجت إليها ، فلا حرج عليك في شرائها ممن يتاجر فيها ، والتبعة عليه هو ، لا على المشتري .
والله أعلم.
الأموال المحرمة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب