كيف أدعو من يريد الانتقال إلى النصرانية ؟
لي صديقة والدها مسلم ، وأمها مسيحية ، ووالدها منفصل عن والدتها ، والبنت تريد أن تتبع دين المسيحية ، كيف أجعلها ترجع للإسلام ؟
الجواب
الحمد لله.
لعل من أصعب النصائح التي يطلبها كثير من السائلين في موقعنا ما ورد في هذا السؤال من قول السائلة " كيف أجعل صديقتي ترجع إلى الإسلام "؛ ذلك أن قلوب العباد بين يدي الرحمن ، ولا يملك مفاتيح القلوب إلا هو سبحانه وتعالى ، ونحن لحرصنا على نجاة الناس جميعا من مهلكة الردة عن الإسلام نُشفق على السائلة ، ونرجو أن يشرح الله صدرها ولسانها فتنطق بكلمات الحق والصدق التي تكون سببا في ثبات صديقتها على الإسلام ، ونقول لها إننا مهما كتبنا من كلمات ، ومهما قدمنا من نصائح ، ولو بذلنا في ذلك كل ممكن ، فإن السبيل الأنجح ، والطريق الأكيد لمساعدة صديقتك على الثبات هو إخلاصك التام في نصحها ، وإشفاقك عليها ، وإظهارك لها من المحبة والمودة والكلمات الصادقة التي تهز كيانها ، وتبعث في قلبها ما اندرس من إيمانها ، والدعاء الصادق لها أن ينجيها الله من ذلك ، ولا يتم ذلك إلا بقلب صادق ومشاعر فياضة نحوها ، حينها فقط ستتوقف وتتأمل ، وستنظر في أمرها وحقيقة الأسباب التي تشجعها على الردة إلى النصرانية ، فإذا فعلت ذلك لا نشك أنها ستقرر البقاء في الإسلام ، وتنبذ ما تسول لها نفسها من خطر عظيم .
وخلال ذلك كله تحرصين على الحوار معها ، وبث التساؤلات في نفسها وقلبها حول حقيقة ما ستُقدم عليه ، وما الذي افتقدته في الإسلام ، ووجدته في النصرانية ؟!
ونود منك أن تركزي على أصلين عظيمين في ذلك :
الأول :
عظم أمر توحيد الله تعالى ، الذي هو أصل دين الإسلام ، وأصل رسالات الأنبياء جميعا ، وبذلك أمر الله نبيه أن يخاطب أهل الكتاب : ( ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ * إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ * وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) آل عمران/64-71 .
الثاني :
الإيمان برسل الله جميعا ، ومحبتهم ، وتوليهم ، ومعرفة قدرهم ؛ فهي لو تأمَّلَت لوجدت أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يؤمن بجميع الرسل والأنبياء ، ويعرف لهم حقهم وقدرهم ، وقد كان خاتم الرسالات ، يصدق ما سبقه من الكتب والرسل ، ويكمل شرائعهم ودعوتهم ، فإذا نودي الناس يوم القيامة أن يدخل الجنة من آمن بالأنبياء كان المسلمون أول الداخلين ، وأما غيرهم من أتباع الديانات الأخرى فقد كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، تماما كما كفر من آمن بموسى ولم يؤمن بعيسى عليهما السلام ، وسيكون حينئذ على خطر عظيم عند الله سبحانه وتعالى ، يقول الله عز وجل : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285.
روى البخاري (3442) ومسلم (2365) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ) .
وقد راجعنا جميع ما نشر سابقا في موقعنا في أبواب دعوة غير المسلمين ، وتثبيت المسلمين على الإسلام ، ووجدنا مجموعة صالحة من الفتاوى والقضايا التي يمكنك الإفادة منها ، والاستعانة بها في دعوتك صديقتك ، كما أنها تشتمل على بعض المراجع المهمة في هذا المجال ، وهذه الأجوبة منشورة تحت الأرقام الآتية : (219) ، (2690) ، (7182) ، (10469) ، (12615) ، (12628) ، (12637) ، (14418) ، (154022) ، (182059)، (182799).
فخذي مما سبق ما يناسب حال صديقتك ، واحرصي على تتويج ذلك كله بإخلاص الدعاء لها في ظهر الغيب ، وسؤال الله عز وجل أن يهديها سواء السبيل ، فالدعاء سلاح قل من يستشعر أهميته .
والله أعلم .