لقد أديت حج التمتع ، وكنت جاهلاً بنية حج التمتع ، فعملت كما يعمل الجماعة ، ونويت عمل الحج عند الميقات ، ولم أكن أعلم أنه يجب علي نية العمرة ، فما الحكم ؟
الحمد لله.
أولاً :
ينبغي على المسلم قبل الشروع في أي عبادة من العبادات ، أن يتعلم أحكام تلك العبادة ؛ حتى يؤديها على الوجه المشروع .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (109337) .
ثانياً :
الذي فهمناه من سؤالك : أنك أحرمت بالحج ابتداءً ، ثم لما وصلت إلى مكة أديت العمرة مع الناس ، فإذا كان كذلك ، فحجك صحيح ، وتكون تلك العمرة فاسخة لحجك ، ولا يضر كونك لم تنو العمرة من الميقات ، فالصحابة لم ينووا العمرة ابتداءً ، بل نووا الحج ومع هذا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بفسخ الحج إلى عمرة .
فقد روى أبو داود (1788) عن جابر رضي الله عنه قال : " قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فلما طافوا بالبيت وبالصفا والمروة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيَ ) ، فلما كان يوم التروية : أهلوا بالحج ، فلما كان يوم النحر ، قدموا فطافوا بالبيت ، ولم يطوفوا بين الصفا والمروة ". وصححه الشيخ الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
قال العظيم آبادي رحمه الله :
" ( اِجْعَلُوهَا عُمْرَة ) : خطاب لمن كان أهل بالحج مفردا ؛ لأنهم كانوا ثلاث فرق قاله العيني ، أي : افسخوه إلى العمرة ؛ لبيان مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج " انتهى من " عون المعبود شرح سنن أبي داود " (5/148) – ترقيم الشاملة - .
وقد سئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان : هل يجوز تغيير النية للمفرد بعد الطواف والسعي ليصبح متمتعًا ؟
فأجاب حفظه الله : " لا مانع من ذلك ، بل الأحسن أن يتحول من كونه مفردًا إلى كونه متمتعًا ، فإذا طاف وسعى يقصر من رأسه ويتحلل ويعتبرها عمرة ، ثم يحرم بالحج بعد ذلك ويكون متمتعًا ، وهذا يسمى فسخ الحج إلى العمرة ، وقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بعدما طافوا وسعوا أن يقصروا ويجعلوها عمرة ، يحرمون بعدها بالحج ليكونوا متمتعين ، إلا من كان ساق الهدي ، فإنه يبقى على إحرامه " انتهى من " المنتقى من فتاوى الفوزان " (5/162) .
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : " من حج مع الناس ، وفعل كما يفعلون ، دون معرفة بالأركان والواجبات والسنن ، فما الحكم في هذا الحج ؟
فأجاب رحمه الله : " حجه صحيح ، ما دام فعل ما يفعله المسلمون ، من الوقوف بعرفات والذهاب إلى مزدلفة والمبيت فيها والطواف والسعي ، وبقية الأعمال ، ورمي الجمار ، فالحمد لله حجه صحيح .
المقصود : ما دام فعل أعمال الحج ، وإن كان ما عنده علم ، إنما قلَّد الناس فيما يفعلون ، وفعل كفعلهم في أعمال الحج ، فإنه يكون حجه صحيحاً مجزئاً له ، لكن ليس مثل من حج عن فقه وعن علم ؛ ذاك أفضل .
والمطلوب من الحاج : أنه يتعلم ، ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه ، حتى يكون على بينة ، على بصيرة ، وهنا بحمد الله مناسك الآن موجودة فيها بيان أعمال الحج ، ولنا منسك مستوفٍ غالب أعمال الحج ، وسميناه : ( التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة ) ، فهو منسك مفيد ، وغيره من مناسك أخرى ، المقصود أن طالب العلم والمسلم الذي يريد الحج يستطيع أن يحفظ منسكاً من مناسك أهل العلم ، يفيده في مسائل الحج ، وهكذا سؤال أهل العلم قبل أن يتوجه إلى مكة عما قد يخفى عليه ، وهكذا سؤاله للمدرسين في مكة ، في المسجد الحرام عما أشكل عليه " انتهى من " فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز " .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (109357) .
والله أعلم .