من خرج مسافة القصر لرعي الأغنام ، هل له أن يقصر الصلاة ؟

01-12-2013

السؤال 199254


والدي ووالدتي حفظهما الله أصحاب أغنام ، ويرتحلون معها دائما . سؤالي الآن : هم مسافرون خارج مدينتنا أكثر من (200) كيلو . فهل تجب عليهم صلاة القصر والجمع ؟ مع العلم أن لهم خياماً هناك وﻻ يعلمون متى يعودون ، لكن كل أسبوع وأحيانا أسبوعين ينزلون لنا في مدينتنا . فهل يجوز لهم القصر والجمع ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
الجمع والقصر ليس واجباً في السفر ، بل القصر سنة ، والجمع رخصة يجوز فعله ، والأحسن تركه ، عند الإمكان والسعة ، وصلاة كل فرض في وقته.

قال ابن القيم رحمه الله : " الجمع ليس سنة راتبة ، كما يعتقد أكثر المسافرين : أن سنة السفر الجمع ، سواء وجد عذر أو لم يوجد ، بل الجمع رخصة ، والقصر سنة راتبة ، فسنة المسافر قصر الرباعية ، سواء كان له عذر أو لم يكن ، وأما جمعه بين الصلاتين ، فحاجة ورخصة ، فهذا لون وهذا لون " انتهى من " الوابل الصيب " (ص/24) .

ثانياً :
يجوز لوالديك قصر الصلاة ، والجمع بين الصلاتين ، إذا خرجا إلى المرعى ، أو إلى موضع الخيام ، وكانت المسافة المقطوعة مسافة قصر ، ومسافة القصر نحو من ثمانين كيلو مترا ، عند جمهور العلماء ، وإن ارتحلوا دائما ، فإن هذا لا يحرمهم الترخص برخص السفر ، كما سيأتي نقله في كلام شيخ الإسلام .

فإن كان موضع الخيام ، هو محل الإقامة الدائم لهما ، فأحكام السفر تنقطع بوصولهما إلى إذا الموضع .
وإن لم يكن ذلك الموضع محلاً للإقامة ، بل كان لهم موضع آخر للإقامة المعتادة ، كما هو الحال في "مدينتكم" ، فيما يظهر من السؤال ، وإنما أقاموا الخيام في تلك الأرض لكونها صالحة للرعي ، لا بقصد الإقامة والمكث ، وإقامتهم إنما هي في المدنية التي تسكنون فيها : ففي هذه الحال يجوز القصر والجمع ، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل ، فإن نووا الإقامة أكثر من أربعة أيام ، فإنهم يتمون الصلاة ، عند جمهور العلماء .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد ثمانين كيلو مترا فأكثر ، فإن هذا سفر ، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام ، فإن الجميع مسافرون ، فإذا كانت الرحلة فيها نزول في موضع الرعي ، مواضع الخير لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل ، ثم ترتحلون وهكذا ، وهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر ، إذا يجوز لهم القصر والحال ما ذكر " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .

وإذا كانت هذه الخيام التي يرحلون إليها ، وينزلون فيها : مكانا معتادا لإقامتهم ، في بعض أوقات السنة ، وطلب المراعي حولها : فإنهم يقصرون الصلاة في أثناء سيرهم من مدينتهم إلى موضع الخيام ، لكنهم في مكان خيامهم : يتمون الصلاة ، إذا اعتادوا الإقامة فيها ، كما لو كان لهم مسكنان في مكانين مختلفين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَيُفْطِرُ مَنْ عَادَتُهُ السَّفَرُ إذَا كَانَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إلَيْهِ. كَالتَّاجِرِ الْجَلَّابِ الَّذِي يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ السِّلَعِ وَكَالْمُكَارِي الَّذِي يَكْرِي دَوَابَّهُ مِنْ الْجُلَّابِ وَغَيْرِهِمْ ، وَكَالْبَرِيدِ الَّذِي يُسَافِرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ ، وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي لَهُ مَكَانٌ فِي الْبَرِّ يَسْكُنُهُ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ امْرَأَتُهُ وَجَمِيعُ مَصَالِحِهِ وَلَا يَزَالُ مُسَافِرًا فَهَذَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ : كَأَعْرَابِ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ يُشَتُّونَ فِي مَكَانٍ وَيُصَيِّفُونَ فِي مَكَانٍ إذَا كَانُوا فِي حَالِ ظَعْنِهِمْ مِنْ الْمَشْتَى إلَى الْمَصِيفِ وَمِنْ الْمَصِيفِ إلَى الْمَشْتَى: فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ ، وَأَمَّا إذَا نَزَلُوا بِمَشْتَاهُمْ وَمَصِيفِهِمْ لَمْ يُفْطِرُوا وَلَمْ يَقْصُرُوا، وَإِنْ كَانُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمَرَاعِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " (25/213).
وينظر جواب السؤال رقم : (60358) ، ورقم : (98574) .

والله أعلم .

صلاة المسافر
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب