الحمد لله.
قال ابن القيم رحمه الله : "
الجمع ليس سنة راتبة ، كما يعتقد أكثر المسافرين : أن سنة السفر الجمع ، سواء وجد
عذر أو لم يوجد ، بل الجمع رخصة ، والقصر سنة راتبة ، فسنة المسافر قصر الرباعية ،
سواء كان له عذر أو لم يكن ، وأما جمعه بين الصلاتين ، فحاجة ورخصة ، فهذا لون وهذا
لون " انتهى من " الوابل الصيب " (ص/24) .
ثانياً :
يجوز لوالديك قصر الصلاة ، والجمع بين الصلاتين ، إذا خرجا إلى المرعى ، أو إلى
موضع الخيام ، وكانت المسافة المقطوعة مسافة قصر ، ومسافة القصر نحو من ثمانين كيلو
مترا ، عند جمهور العلماء ، وإن ارتحلوا دائما ، فإن هذا لا يحرمهم الترخص برخص
السفر ، كما سيأتي نقله في كلام شيخ الإسلام .
فإن كان موضع الخيام ، هو
محل الإقامة الدائم لهما ، فأحكام السفر تنقطع بوصولهما إلى إذا الموضع .
وإن لم يكن ذلك الموضع محلاً للإقامة ، بل كان لهم موضع آخر للإقامة المعتادة ، كما
هو الحال في "مدينتكم" ، فيما يظهر من السؤال ، وإنما أقاموا الخيام في تلك الأرض
لكونها صالحة للرعي ، لا بقصد الإقامة والمكث ، وإقامتهم إنما هي في المدنية التي
تسكنون فيها : ففي هذه الحال يجوز القصر والجمع ، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل
، فإن نووا الإقامة أكثر من أربعة أيام ، فإنهم يتمون الصلاة ، عند جمهور العلماء .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد ثمانين كيلو مترا فأكثر ، فإن هذا سفر ، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام ، فإن الجميع مسافرون ، فإذا كانت الرحلة فيها نزول في موضع الرعي ، مواضع الخير لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل ، ثم ترتحلون وهكذا ، وهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر ، إذا يجوز لهم القصر والحال ما ذكر " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .
وإذا كانت هذه الخيام التي
يرحلون إليها ، وينزلون فيها : مكانا معتادا لإقامتهم ، في بعض أوقات السنة ، وطلب
المراعي حولها : فإنهم يقصرون الصلاة في أثناء سيرهم من مدينتهم إلى موضع الخيام ،
لكنهم في مكان خيامهم : يتمون الصلاة ، إذا اعتادوا الإقامة فيها ، كما لو كان لهم
مسكنان في مكانين مختلفين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَيُفْطِرُ مَنْ عَادَتُهُ السَّفَرُ إذَا كَانَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إلَيْهِ.
كَالتَّاجِرِ الْجَلَّابِ الَّذِي يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ السِّلَعِ
وَكَالْمُكَارِي الَّذِي يَكْرِي دَوَابَّهُ مِنْ الْجُلَّابِ وَغَيْرِهِمْ ،
وَكَالْبَرِيدِ الَّذِي يُسَافِرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ ،
وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي لَهُ مَكَانٌ فِي الْبَرِّ يَسْكُنُهُ ، فَأَمَّا
مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ امْرَأَتُهُ وَجَمِيعُ مَصَالِحِهِ وَلَا
يَزَالُ مُسَافِرًا فَهَذَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ :
كَأَعْرَابِ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ
يُشَتُّونَ فِي مَكَانٍ وَيُصَيِّفُونَ فِي مَكَانٍ إذَا كَانُوا فِي حَالِ
ظَعْنِهِمْ مِنْ الْمَشْتَى إلَى الْمَصِيفِ وَمِنْ الْمَصِيفِ إلَى الْمَشْتَى:
فَإِنَّهُمْ يَقْصُرُونَ ، وَأَمَّا إذَا نَزَلُوا بِمَشْتَاهُمْ وَمَصِيفِهِمْ
لَمْ يُفْطِرُوا وَلَمْ يَقْصُرُوا، وَإِنْ كَانُوا يَتَتَبَّعُونَ الْمَرَاعِيَ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " (25/213).
وينظر جواب السؤال رقم : (60358)
، ورقم : (98574) .
والله أعلم .