في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود إلا على الفطرة يولد فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" أو كما قال .
لماذا لم يذكر الديانات الأخرى غير اليهودية والنصرانية والمجوسية ؟
هل تلك الديانات لا تخالف الفطرة ؟ أم إن أصل كل الديانات الأخرى يرجع إلى الديانات المذكورة في الحديث الشريف ؟
الحمد لله.
أولا :
روى البخاري (1359) ، ومسلم (2658) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ
مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أو
يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً
جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ) ثُمَّ يَقُولُ أَبُو
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : ( فِطْرَةَ
اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ
الدِّينُ القَيِّمُ ) الروم/ 30 .
قال ابن عثيمين رحمه الله :
" كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم ، ولا ينصرف عن
مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها ، لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
) " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (5/ 107) .
ثانيا :
لا فرق بين ملة من ملل الكفر ، وملة أخرى ، فالكل سواء في مخالفة فطرة الله التي
فطر الناس عليها ، قال الله تعالى : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا
النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) البقرة/ 120 ، وقال عز وجل : ( قُلْ
يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ
عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ
عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون/ 1 – 6 .
قال ابن عثيمين رحمه الله :
" الكفر ملة واحدة ؛ لقوله تعالى: (ملتهم) ؛ وهو باعتبار مضادة الإسلام ملة واحدة؛
أما باعتبار أنواعه فإنه ملل: اليهودية ملة ؛ والنصرانية ملة ؛ والبوذية ملة ؛
وهكذا بقية الملل؛ ولكن كل هذه الملل باعتبار مضادة الإسلام تعتبر ملة واحدة ؛ لأنه
يصدق عليها اسم الكفر؛ فتكون جنساً ، والملل أنواعاً " .
انتهى من "تفسير ابن عثيمين" - الفاتحة والبقرة (2/ 32) - بترقيم الشاملة .
ثالثا :
قوله في الحديث ( فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أو يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ
يُمَجِّسَانِهِ ) أي يعلمانه اليهودية أو النصرانية أو المجوسية ، ويجعلانه كذلك .
وإنما ذكر هذه الثلاثة : لأنها أعظم أديان الناس يومئذ ، وأكثر الناس تبع لها ،
فذكرها باعتبار الغلبة والشهرة ، ودل بها على ما سواها من الأديان .
وقد جاء في رواية لمسلم
(2658)، والترمذي (2138) : ( ... فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ
وَيُشَرِّكَانِهِ ) .
قال في "تحفة الأحوذي" (6/ 287):
" أَيْ يُعَلِّمَانِهِ الشِّرْكَ وَيَجْعَلَانِهِ مُشْرِكًا " انتهى .
فهذه الرواية تدل دلالة صريحة على أن المراد عموم الديانات الأخرى غير الإسلام ، لا
مجرد هذه الديانات الثلاث وحسب ؛ ولذلك قال تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ
الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
راجع للفائدة جواب السؤال
رقم : (21525) ، (175339)
.
والله تعالى أعلم .