الحمد لله.
ثانيا :
الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يتطهر بالماء؛ لقوله تعالى: ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ..)
المائدة/6 .
ولا يجوز للمحدث أن يتيمم مع
وجود الماء، إلا من عذر شرعي ، كمرض يخشى إن استعمل الماء أن يَهلك ، أو يزداد مرضه
: فلا حرج عليه ـ حينئذ ـ من العدول عن استعمال الماء إلى التيمم؛ لقوله تعالى: (
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ
الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا
صَعِيدًا طَيِّبًا ) سورة المائدة/6.
وينظر "الاستذكار" لابن عبد البر (1/278).
وأما ما جاء في السؤال ،
فليس من الأعذار التي تبيح التيمم ، لإمكان إزالة تلك النجاسة التي وجدتها على
المرحاض الإفرنجي بالماء مع استعمال أدوات التنظيف المساعدة في إزالة النجاسة، أو
تغطية المرحاض بأي وسيلة كانت أثناء الاغتسال ، أو الابتعاد عنه ، ولن تعجز ـ إن
شاء الله تعالى ، لا سيما وأن ما يصيب الحمام الأفرنجي من ذلك : يكون عادة يسيرا ،
ويمكن إزالته ، أو التباعد منه ، كما سبق .
ونفس الأمر بالنجاسة التي يتوهم السائل أنها أصابت الأرض ، أو أصابت الجدران : فكل
ما عليها أن يزيلها بأي مزيل لها ، أو يريق عليها الماء ، حتى يغلب على ظنها أن
زالت .
ولا يلزمك أن تصب ماء قدر
قلتين ، أو أكثر ؛ فإن الماء الوارد على النجاسة : يزيلها ويطهرها ، لا أن النجاسة
هي التي تفسد الماء ، وإلا لم يتصور أن تزول النجاسة بماء أصلا ، وإنما تؤثر
النجاسة في الماء : إذا كانت هي التي وردت عليها ، أو انفصل عنها ، وأما حين وروده
على النجاسة : فإنه يبقى مزيلا مطهرا لها ، ولو لم يبلغ القلتين .
وإذا قدر أنها يابسة ، لا يزيلها الماء ، ولا آلة التنظيف : تباعد عنها . وهذا أمر
يصعب تصوره للغاية .
وإذا قدر أنه قد أصابك شيء من هذه النجاسة ، وتيقنت من ذلك : فبإمكانك أن تغسل
قدميك ، أو المكان الذي تيقنت أن النجاسة قد أصابته ، بعد الانتهاء من غسلك .
وهذا فيما إذا تيقنت أن النجاسة قد أصابتك ، كما سبق ، وأما مع مجرد التوهم أو الشك
: فلا يلزمك شيء ، خاصة في حال من ابتلي بالوسوسة .
ثالثا :
الواجب عليك قضاء جميع الصلوات التي صليتها بالتيمم ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم
-: ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ ) رواه
مسلم (224).
قال النووي رحمه الله : " هَذَا الْحَدِيث نَصّ فِي وُجُوب الطَّهَارَة لِلصَّلَاةِ
, وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ الطَّهَارَة شَرْط فِي صِحَّة الصَّلَاة
" انتهى من " شرح مسلم " .
ولا فرق بين من يصلي بلا طهارة أصلاً وبين من يصلي بالتيمم مع وجود الماء من غير
عذر؛ لأن التيمم مع وجود الماء ، والقدرة على استعماله : لا عبرة به ، بل هو والعدم
سواء .
والله أعلم .