يقيم بعيداً عن زوجته ويريد إحضار زوجته ووالديه للزيارة ، وزوجته ترفض ذلك
أنا مصري مسافر مقيم في السعودية للعمل ، وزوجتي بمصر ، وأهلي ميسوري الحال نوعا ما، الآن أنا في انتظار أن تأتي لي زوجتي .
ووالدي والدتي يريدون أن أقدم طلب زيارة لهما حتي يأتيا للسعودية شهر أو شهرين يجلسون معي ويعتمرون ، وزوجتي غاضبة ، وتقول : إنهم لا يعاملونها بشكل جيد ، ولا يسألونها إن كان لها أي طلبات وأنا تاركها معهم .
وتقول لي : إنها لا تريد أن أقدم زيارة لوالداي ، وإنها لن تأتي لي أبدا إن قدمت لهما زيارة ، فهي تقول : نحن لا نحتمل مصاريف زائدة ، وأنا هي وابننا أولي بهذه المصاريف عن أهلي ،
وتخيرني بينها وبين أهلي ، مع العلم أن والداي كانا يقيمان في السعودية ، وقد أديا الحج والعمرة من قبل .
وأنا اخاف أن اكون عاق لوالداي إن ارضيت زوجتي ، ولا أريد أن أهدم بيتي وأخسر زوجتي وابني ؛ لأن الموضوع قد يصل إلي طلاق ، إن لم أنفذ رغبتها.
أنا في حيرة فأرشدوني ماذا أفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
إن من أحلك المواقف و
أكثرها تعريضا الرجل للحيرة ، تلك التي يجد فيها نفسه يتجاذبه حبان: حب الوالدين
والسعي في إرضائهما والبر بهما ، وحب الزوجة ومحاولة الإبقاء على الشمل مجموعا ،
وقلما يفلح زوج في اتخاذ موقف وسط بين والديه وزوجته ، بحيث يؤدي لكل واحد منهما
حقه غير منقوص بسبب حق الآخر ، فإما أن يعطي والديه كل الحق على حساب زوجته ، وإما
أن يميل كل الميل مع زوجته على حساب إرضاء والديه وطاعتهما ، ولكن الحكيم من وفقه
الله للتوفيق بينهما .
أيها الفاضل ،
إن من آفات الأسرة الممتدة والتي يجتمع فيها الزوج وزوجته مع أهله ، ذلك الاحتكاك
الذي يولد الشرارات والمشاكل المختلفة . ولعل هذا سبب اتخاذ زوجتك موقفها من والديك
، فعشرتها في مبعد عنك مع والديك : قد أدت إلى حصول التنافر بينهم ، بسبب المشاكل
اليومية ، كما ضمنت ذلك رسالتك. وليست هذه المناسبة للحديث عن تبعات هذا الشكل من
الحياة الأسرية ، فأنت على وشك إصلاح الوضع بالإرسال في طلب التحاق زوجتك بك حيث
سكنك .
وما هي إلا خطوة واحدة إن شاء الله ويجتمع شملك بها ، وتنتهي الخلافات التي يسببها
عيشها في مبعد عنك وفي معية أهلك . ولعلك تستغل هذا الوضع في تصبيرها و في دغدغة
مشاعرها وفي حثها على أن تتوج سنوات صبرها بمزيد من أناة وحلم وسعة خاطر .
أيها الفاضل ،
إن لزوجتك عليك حق ، ومن واجبك أن تبقي على شملك ملموما ، وألا تترك المشاكل تهدد
سعادتكما ، لكن ليس ذلك على حساب حق وكرامة والديك . والمرأة العاقلة هي التي تساعد
زوجها على بر والديها ، لا على سخطهما والاعتذار عن استقبالهما ببيتك مهما تكن من
ظروف.
إن الخطوة الأولى الصحيحة : أن تبدأ باستقدام زوجتك ، وأخر مفاتحتها في موضوع
والديك الآن ، وحاول أن تعتذر لوالديك عن التأخير ، حتى تأتي زوجتك ، وتهيئ منزلك ،
وترتب أوضاعك ، وما داما قد أديا الحج والعمرة قبل ذلك ، فسوف يكون المماطلة بعض
الوقت في ذلك الأمر محتملا ، بدرجة ما .
وحينما تأتي زوجتك عليك بكسب ودها ، وتطييب خاطرها ، بمعاملة حسنة ، وهدية مناسبة ،
ونحو ذلك ، واستمل قلبها إليك ، بحيث لا تحوجك إلى المفاضلة بينها وبين والديك ،
فهي مفاضلة خاطئة أصلا ، وظالمة ـ لك ، وللأسرة كلها ـ أيضا .
وأقنعها باحتساب ذلك ، إرضاء لزوجها ، واحتسابا للنفقة ، فعسى الله أن يبارك لك في
رزقك ، وأن يخلف لك خيرا مما أنفقته ، برا لوالديك .
وإن شاء الله ، إذا استقرت معك ، وطابت نفسك ، تتيسر الأمور ، ومن يدري ؛ لعل الله
أن يحدث بعد ذلك أمرا .
والله الموفق .
والله أعلم .