الحمد لله.
القول الأول : أن الدعاء
بالإبدال خاص بالرجل ، فلا يقال في حق المرأة : أبدلها زوجا خيرا من زوجها ؛ لأن
المرأة في الآخرة إذا كانت من أهل الجنة ، فهي لزوجها الذي في الدنيا .
قال السيوطي رحمه الله : " (
وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجه ) قَالَ طَائِفَة مِنْ الْفُقَهَاء : هَذَا خَاصّ
بِالرَّجُلِ وَلَا يُقَال فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَرْأَة أَبْدِلْهَا زَوْجًا
خَيْرًا مِنْ زَوْجهَا ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُون لِزَوْجِهَا فِي الْجَنَّة ،
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُمْكِن الِاشْتِرَاك فِيهَا ، وَالرَّجُل يَقْبَل ذَلِكَ
" .
انتهى من " شرح السيوطي لسنن النسائي " (4/73) .
وقال ابن يوسف المواق رحمه
الله : " وإن كانت امرأة قلت : اللهم إنها أمتك ثم تتمادى بذكرها على التأنيث ، غير
أنك لا تقول : وأبدلها زوجا خيرا من زوجها ؛ لأنها قد تكون زوجا في الآخرة لزوجها
في الدنيا , ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا , والرجل تكون له
زوجات كثيرة في الجنة ولا يكون للمرأة أزواج " .
انتهى من " التاج والإكليل لمختصر خليل " (3/18) .
وقال البهوتي رحمه الله : " ويقول في دعائه لامرأة : اللهم إن هذه أمتك ابنة أمتك نزلت بك , وأنت خير منزول به .... ، ولا يقول : أبدلها زوجا خيرا من زوجها ، في ظاهر كلامهم قاله في الفروع " انتهى من " كشاف القناع " (2/116) .
القول الثاني : أن الدعاء بالإبدال يقال في حق المرأة ، كما يقال في حق الرجل ؛
أخذاً بعموم الحديث : ( وزوجاً خيراً من زوجه ) ، فهو شامل للرجل والمرأة ، ويكون
المعنى في حق المرأة : إبدال صفات لا إبدال ذوات ، فكأنه دعاء بأن يبدل الله خلق
زوجها وصفاته إلى الأفضل والأكمل ، لا أن تزوج بزوج آخر .
قال الرملي رحمه الله : " (
قوله : وزوجا خيرا من زوجه ) قضيته أن يقال ذلك ، وإن كان الميت أنثى .
والظاهر أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة : إبدال الأوصاف لا الذوات ... " .
انتهى من " نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج " (2/477) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " قوله : ( وزوجا خيرا من زوجه ) أي : سواء كان المصلى عليه رجلا أم امرأة .
وهناك إشكال ؛ لأنه إن كان المصلى عليه رجلا ، وقلنا : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه )
، فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا ، وإن كان امرأة ، فإننا نسأل الله أن
يفرق بينها وبين زوجها ، ويبدلها خيرا منه . فهذان إشكالان ؟
أما الجواب عن الأول : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فليس فيه دلالة صريحة على أن
الحور خير من نساء الدنيا ؛ لأنه قد يكون المراد خيرا من زوجه في الأخلاق ، لا في
الخيرية عند الله عز وجل .
وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني ، فنقول : إن خيرية الزوج هنا ليست
خيرية في العين ، بل خيرية في الوصف ، وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة ؛
لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غل ، ويبقون على أصفى ما يكون ، والتبديل
كما يكون بالعين يكون بالصفة ، ومنه قوله تعالى : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض
والسماوات ) إبراهيم : 48 ، فالأرض هي الأرض بعينها ، لكنها اختلفت ، وكذلك السموات
" .
انتهى من " الشرح الممتع " (5/327) .
تنبيه : الدعاء : ( وزوجا
خيراً من زوجه ) لا يقال عند الدفن ، إنما يقال : في صلاة الجنازة بعد التكبيرة
الثالثة ، فقد روى مسلم (963) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى على جنازة ، يقول : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ
وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ
وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى
الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ
، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ ، وَقِهِ
فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ ) .
وأما عند الدفن ، فالوارد :
أن يُستغفر للميت ويسأل له الثبات عند سؤال الملكين له في قبره ، كما روى أبو داود
(3221) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا
فرغ من دفن الميت وقف عليه ، فقال : ( اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ
بِالتَّثْبِيتِ ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في
" صحيح سنن أبي داود " .
والله أعلم .