الحمد لله.
أما ما أمرت به الجدة من
الإصرار على اتهام زوجة خالك الاتهام الباطل : فمن المنكر الذي نهى الله عنه ، فلا
يجوز إقرارها عليه ، ولا إعانتها ، بل يجب نهيها وتحذيرها من خطورة الموقف ، وما قد
يترتب عليه من الفساد .
وقد قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا )
الأحزاب/ 58 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أَيْ: يَنْسُبُونَ إِلَيْهِمْ مَا هُمْ بُرَآء مِنْهُ لَمْ يَعْمَلُوهُ وَلَمْ
يَفْعَلُوهُ ، ( فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) وَهَذَا هُوَ
الْبُهْتُ الْبَيِّنُ ؛ أَنْ يُحْكَى أَوْ يُنْقَلَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ مَا لَمْ يَفْعَلُوهُ ، عَلَى سَبِيلِ الْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ
لَهُمْ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 480)
وروى البخاري في "الأدب المفرد" (246) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ
بِخِيَارِكُمْ ؟ ) ، قَالُوا : بَلَى ، قَالَ: ( الَّذِينَ إِذَا رُؤوا ذُكِرَ
اللَّهُ ، أَفَلَا أخبركُم بِشِرَارِكُمْ ؟ ) ، قَالُوا: بَلَى ، قَالَ: (
الْمَشَّاؤُونَ بِالنَّمِيمَةِ، المفسدون بين الأحبة ، الباغون بالبراء العنَتْ )
وحسنه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" .
( الباغون بالبراء العنَتْ ) أي: يطلبون لهم الهلاك والتعب باتهامهم بالفساد الذي
هم برآء منه .
ثانيا :
الواجب على والدتك أن تذهب إلى والدتها لتبين لها الحكم الشرعي فيما أمرتها به ،
وأنها إنما فعلت ذلك ، وخالفت رغبتها وهواها : إرضاء لله تعالى ، وتحثها على التوبة
مما قالت ، أو فعلت ، وتجتهد في تطييب خاطرها مما جرى لها .
ولتجتهد والدتك في صلة أمها ، وإن هي قاطعتها ، وبرها ، وإن هي جفتها ، والإحسان
إليها ، وإن هي أساءت إلى أمك .
فإن بقي في نفس الجدة على ابنتها شيء من غضب ، أو بقيت على قطيعتها : فليس على أمك
من إثم ذلك شيء ، وطاعة الله ورضاه : فوق طاعة كل مخلوق ، ورضاه .
والله أعلم .