الحمد لله.
معاهدة الله تعالى على شيء من ألفاظ النذر ، راجع السؤال رقم ( 38934 ) .
وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالوعد والعهد ، سواء كان ذلك العهد مع الله أو مع الخلق . قال تعالى : ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) وقال : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ) التوبة / 75-77 .
ومحل هذا إذا كان المراد فعل طاعة ، كأن يعاهد الإنسان ربه على أن يصدق الحديث أو يتصدق بشيء من ماله وهكذا . وهذا داخل في النذر وإن لم يصرح قائله بلفظ النذر . فمن عاهد الله أو قال : لله علي أن أفعل شيئا من ذلك لزمه الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " رواه البخاري (6318).
ولا يجوز الإخلال بهذا الالتزام إلا أن يعجز الإنسان عن الوفاء به مطلقا ، فيكفر كفارة يمين ؛ لحديث : " ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين " رواه أبو داود (3322) من حديث ابن عباس . قال الحافظ في الفتح : ( رواه ثقات ، لكن أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا وهو أشبه ).
قال ابن قدامة في المغني (10/72) : ( وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادرا عليها فعجز عنها فعليه كفارة يمين) .
أما إن كان العمل المراد التزامه معصية ، فلا يجوز الوفاء به ، وذلك كأن يعاهد الإنسان ربه على أن لا يكلم أخاه أو لا يزوره ، مع انتفاء ما يبرر ذلك شرعا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : " ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ".
واللازم حينئذ : التوبة إلى الله تعالى من معاهدته على المعصية ، وإخراج كفارة يمين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين" رواه أحمد (2640) وأبو داود (3290) والترمذي (1524) والنسائي (3834) وابن ماجه (2125) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وكذا لو عاهد الله على أمر ثم رأى غيره خيرا منه ، كما لو أراد ألا يحسن أو لا ينفق على قريب أو صديق ، فلا يجب الوفاء بذلك ، بل ينبغي تركه ، سواء كان هذا على سبيل النذر أو اليمين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " رواه مسلم (1650) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
والسائلة لم تذكر العهد الذي أخذته على نفسها حتى يكون الجواب محدداً ، ولكن يمكنها معرفة حكم ما فعلت من خلال ما سبق من التقسيم .
والله أعلم .