الحمد لله.
قال في " مطالب أولي النهى " (1/194) في الأعذار المبيحة للتيمم : " (أو خوفه) باستعماله الماء (ضرر بدنه من جرح) فيه...(أو) من (برد شديد) ولم يجد ما يسخن الماء به، (أو) خوفه باستعماله (فوت رفقة): بكسر الراء وضمها. قال في الفروع: وظاهره: ولو لم يخف ضررا بفوت الرفقة ، لفوات الإلف والأنس) انتهى.
وأما تأخير الحملة تأخيرا يسيرا لا يشق عليهم ، فهذا لا يؤثر، ولا يكون عذرا في ترك الاغتسال. وعليك أن تتقي الله تعالى ، وتعلمي أن الأصل هو استعمال الماء ، وأن التيمم إنما يباح للعذر، فلا ينبغي التساهل في ذلك .
وفي الحال التي يرخص لك فيها بالتيمم : فإن تيممتِ بنية واحدة عن الحيض وعن الحدث الأصغر، لم تحتاجي للوضوء بعد التيمم. وإن تيممت عن الحيض فقط ، لزمك الوضوء بعد ذلك. وهذا أفضل إن شاء الله ، لوجود الماء وعدم تضررك به في الوضوء .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز
رحمه الله :
" إذا تناوم الإنسان في منى ووجب عليه الماء للغسل ، إلا أنه لكثرة الحاج يقل الماء
فماذا يفعل بدل الماء؟ وكيف إذا أراد أن يصلي وهو جنب؟ وهل يكفي أن يتطهر بالتراب؟
أرجو توضيح هذه المسألة ؛ لأن كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا " ؟
فأجاب رحمه الله :
" إذا احتلم الإنسان في مزدلفة ، أو في أي مكان فيه : الناس مع الناس : ... يطلب
الماء ولو بالشراء ، في أي مكان يستطيعه ، في أطراف منى في أي جهة ، أو يجد محلا
يغتسل فيه من دون شيء : يلزمه ذلك .
فإذا لم يتيسر له؛ لا بالثمن ولا بالتبرع ، ما وجد مكانا للغسل : فإنه يتيمم
بالتراب ، ويصلي؛ يضرب بيده التراب ، ويمسح بهما وجهه وكفيه ، بنية الجنابة ، وبنية
الحدث الأصغر، يعني ينوي بالتيمم جميع المحدثين ؛ الحدث الأصغر الذي يوجب الوضوء ،
والحدث الأكبر الذي يوجب غسل الجنابة ، ينويهما جميعا ، ويكفيه ذلك ، ويصلي ،
وصلاته صحيحة. والحمد لله، فاتقوا الله ما استطعتم ، والله يقول: فَلَمْ تَجِدُوا
مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
مِنْهُ ، ولكن عليه أن يجتهد ، لا يتساهل ، يجتهد ويسأل ، إن وجد ماء ولو بالشراء
بأخذ الماء بسطل ونحوه ، ويبتعد عن الناس بعض الشيء ، أو يلتمس خيمة إذا كان هناك
خيمة ليس فيها أحد، أو في محل بعيد عن أنظار الناس ويغتسل " .
انتهى ـ باختصار ـ من : "فتاوى نور على الدرب" ، للشيخ ابن باز رحمه الله (5/276) .
ثانيا :
أما سؤالك عن التيمم هل يكون لكل صلاة ، أم للحدث؟
فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأول :
أن التيمم لا يلزم لكل صلاة، لأن التيمم – كالوضوء - يرفع الحدث، فلا ينتقض بخروج
الوقت ، بل بنواقض الوضوء المعروفة .
وهذا مذهب الحنفية ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن
عثيمين رحمه الله (الشرح الممتع 1/314).
واستدلوا بأدلة ، منها قوله تعالى: ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ
أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) المائدة/من الآية6 ،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه ، فجعل
التيمم سببا للتطهير. فكيف يقال : إنه لا يطهر ولا يرفع الحدث ، وإنما هو مجرد مبيح
؟!
والقول الثاني لأهل العلم :
أن التيمم مبيح للصلاة ونحوها ، وليس رافعا للحدث ، وهذا ما ذهب إليه الجمهور من
المالكية والشافعية والحنابلة ، وعليه : فالتيمم يكون بعد دخول وقت الصلاة ، وينتقض
بخروج الوقت. فمن تيمم لصلاة الظهر، صلاها، وما شاء من النوافل ، فإذا خرج وقت
الظهر، لزمه التيمم لصلاة العصر.
ولاشك أن الاحتياط في مثل ذلك أولى ، خاصة وأنه لا مشقة في التيمم لكل صلاة .
وإذا وصلت إلى مكة ، جاز لك تقديم صلاة التراويح ، وتأخير العمرة لوقت يقل فيه الزحام، أو تأخيرها طلبا لراحة الجسم واستعادة القوة والنشاط ، مع اجتناب محظورات الإحرام .
والله أعلم .