الحمد لله.
أولا :
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَجَاسَةِ بَوْلِ وَرَوْثِ مَا لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ
، سَوَاءٌ أَكَانَ إِنْسَانًا أَمْ غَيْرَهُ .
وَأَمَّا بَوْلُ وَرَوْثُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَالإِبِلِ وَالْبَقَرِ
وَالْغَنَمِ فَفِيهِ الْخِلافُ :
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ : إِلَى نَجَاسَةِ
الأَبْوَالِ ، وَالأَرْوَاثِ كُلِّهَا ، مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ .
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ ، وَوَافَقَهُمْ مِنَ
الشَّافِعِيَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ حِبَّانَ
وَالإِصْطَخْرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ، وَمِنَ الْحَنَفِيَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ : إِلَى طَهَارَةِ بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ " .
انتهى من " الموسوعة الفقهية " (8/165-166) :
وينظر جواب السؤال رقم : (175286)
، ورقم : (111786).
ثانيا:
اختلف أهل العلم في السلحفاة ، هل يؤكل لحمها أم لا ؟
فقال جماعة من العلماء : يجوز أكلها ولو لم تذبح ؛ لعموم قوله تعالى : (أُحِلَّ
لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر :
(هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ). ورجح ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، عندما سئل
عن لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام ؟
فأجاب : كل صيد البحر حلال ، حيُّه ، وميتُه ، قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ
صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ) قال ابن عباس رضي
الله عنهما : صيد البحر : ما أخذ حيّاً ، وطعامه : ما وُجد ميتاً ، إلا أن بعض أهل
العلم استثنى " التمساح " ، وقال : إنه من الحيوانات المفترسة ، فإذا كان النبي
عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر : فإن هذا أيضاً محرم
، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها : أن الحِل شامل للتمساح " . انتهى من " نور
على الدرب " ( شريط 137 ، وجه : أ ) .
ولكن ينبغي التنبيه إلى أن
كلام الشيخ ينطبق على السلحفاة البحرية التي تعيش في الماء وتسمى ( الترسة ) ، أما
التي تعيش في البر فتأخذ حكم الحيوانات البرية مأكولة اللحم على الراجح .
قال في " العدة شرح العمدة " (1/489): " ( يباح كل ما في البحر بغير ذكاة ، لقول
رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: هو الطهور ماؤه، الحل
ميتته . إلا ما يعيش في البر) من دواب البحر ( فلا يباح حتى يذكى ) كالطيور
والسلحفاة وكلب الماء ، قال أحمد: كلب الماء نذبحه ، ولا أرى بأسًا بالسلحفاة إذا
ذبحت " انتهى .
وقال ابن حزم في " المحلى " (6/65): والسلحفاة البرية والبحرية حلال أكلها، وأكل
بيضها لقول الله تعالى: ( كُلُوا مما في الأرضِ حلالاً طيبًا )البقرة/ 168، مع قوله
تعالى: (وَقَد فَصَّلَ لكم ما حرَّمَ عليكم) الأنعام/ 119،ولم يفصل لنا تحريم
السلحفاة ، فهي حلال كلها وما تولد منها.
وقال : روينا عن عطاء إباحة أكل السلحفاة ، والسرطان.
وعن طاوس ، والحسن ، ومحمد بن علي ، وفقهاء المدينة: إباحة أكل السلحفاة .
وقال أيضا في " المحلى " (6/84): (وأما ما يعيش في الماء وفي البر فلا يحل أكله إلا
بذكاة ، كالسلحفاة والباليمرين وكلب الماء والسمور ونحو ذلك ؛ لأنه من صيد البر
ودوابه..." انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (182508)
.
وعلى ذلك :
فالراجح أن السلحفاة من مأكول اللحم ، وبولها وروثها وما تولد منها : طاهر سواء
كانت برية أو بحرية .
والله أعلم .