الحمد لله.
قال الشيخ منصور البهوتي
رحمه الله : " ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب ، إلا بإذنه ; لأنه بمنزلة
صاحب البيت ، وهو أحق بها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن الرجل الرجل في
بيته إلا بإذنه ) ، ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه ، وتبطل فائدة اختصاصه بالتقدم
".انتهى من " كشاف القناع " (1/458) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين :
دخل مجموعة من الناس إلى المسجد قبل إقام الصلاة ، فصلوا قبل الإقامة ، فما حكم
صلاتهم ؟
فأجاب رحمه الله : " لا يجوز
للإنسان أن يقيم الجماعة في مسجد له إمام راتب إلا بإذن الإمام ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال : ( لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ) ،
فسلطان المسجد هو إمامه " انتهى مختصراً بتصرف يسير من " اللقاء الشهري " .
ثانياً :
إذا صلى جماعة قبل صلاة إمامهم الراتب بدون إذن منه ، ولا عذر ، كأن يتأخر الإمام
عن الوقت المعتاد ، ففي صحة صلاتهم خلاف بين أهل العلم رحمهم الله ، فمنهم من يرى :
أن الصلاة لا تصح ؛ لورود النهي في الحديث السابق ، ومن أهل العلم من يرى : أن
الصلاة الصحيحة ، لكن يأثمون ؛ لافتياتهم على الإمام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " مسألة : لو أن أهل المسجد قدموا شخصا يصلي بهم بدون إذن الإمام ، ولا عذره
وصلى بهم ، فهل تصح الصلاة أو لا تصح ؟
فالجواب : في هذا لأهل العلم قولان :
القول الأول : أن الصلاة تصح ، مع الإثم .
القول الثاني : أنهم آثمون ، ولا تصح صلاتهم ، ويجب عليهم أن يعيدوها .
والراجح القول الأول : لأن تحريم الصلاة بدون إذن الإمام أو عذره : ظاهر من الحديث
والتعليل ، وأما صحة الصلاة ؛ فالأصل الصحة حتى يقوم دليل على الفساد ، وتحريم
الإمامة في مسجد له إمام راتب بلا إذنه أو عذره : لا يستلزم عدم صحة الصلاة ؛ لأن
هذا التحريم يعود إلى معنى خارج عن الصلاة ، وهو الافتيات على الإمام ، والتقدم على
حقه ، فلا ينبغي أن تبطل به الصلاة " انتهى من " الشرح الممتع " (4/ 154) .
وعليه ، فإذا أقام جماعة
الصلاة قبل حضور الإمام الراتب ، ولم يكن الإمام الراتب قد أذن لهم في ذلك ، ولم
يكن لهم عذر في إقامة تلك الصلاة ، بحيث لم يتأخر الإمام عن الوقت المعتاد ، فإنه
لا يجوز الدخول والصلاة معهم ؛ لكونهم معتدين على حق الإمام ، آثمين بافتئاتهم عليه
.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
: " إذا كان الإمام تأخر عن الموعد المعتاد ، وتقدم بعض المأمومين وصلى بالناس فلا
حرج ، وصلاته صحيحة ، وصلاتهم صحيحة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما تأخر صلى
عبد الرحمن بن عوف بالناس ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بل أقره على
ذلك .... ، فدل ذلك على أن الإمام إذا تأخر فإن الجماعة لا يعطلون ، بل يقدمون من
شاءوا من أهل الخير ، فيصلي بهم حتى لا يتعطل الناس وهذا هو الحق .
أما كون بعض الناس يتسرع
ويقيم قبل أن يأتي وقت الصلاة ، فهذا غلط لا يجوز ، وليس لأحد أن يتقدم على الإمام
الراتب قبل مجيء الوقت المعتاد إلا بإذنه ".
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (12/143- 144) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (146970) .
والله أعلم .