الحمد لله.
فإن خالف وأخذ هذا المال الخاص بتكاليف الولادة ليحج به ، وترك زوجته هكذا دون مال : فقد ارتكب إثما ، وكان مقدار ما يجب عليه من النفقة التي أخل بها : مالا حراما ، حج به .
وقد اختلف الفقهاء في حكم من حج بمال حرام ؛ فأكثرهم يصحح الحج مع الإثم ، وهو الراجح .
قال النووي رحمه الله " إذا حج بمال حرام ، أو راكبا دابة مغصوبة : أثم ، وصح حجه ، وأجزأه ، عندنا [ يعني : في مذهب الشافعية ] ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري ، وبه قال أكثر الفقهاء" انتهى من المجموع شرح المهذب (7 / 62) .
وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم (48986) .
وذهب بعض العلماء ، كالإمام أحمد ، إلى أن حجه غير مقبول .
أما إن كان المال كافيا للحج ، وتكاليف الولادة : فعليه أن يعجِّل الحج , ولا يلزمه البقاء مع زوجته وقت ولادتها إن كان عندها من أهله أو أهلها من يقوم بها ، ويرعى شؤونها وقت ولادتها , لأن الواجب على المسلم متى كانت عنده الاستطاعة أن يبادر لأداء فريضة الحج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ ) رواه أحمد (2721) وصححه الألباني في الإرواء (990). وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود (1524).
لكن إن لم يكن مع المرأة من يقوم بها ، وكانت ستتضرر بسفر زوجها إلى الحج لأداء الفريضة، ضرراً محققاً لا متوهماً : جاز للزوج في هذه الحال تأخير الحج إلى العام التالي ، لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) وهو مع الخوف على أهله غير مستطيع .
وننبه السائلة إلى أنه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق أو الخلع من زوجها إلا لسبب معتبر شرعا يمنعها من الاستمرار معه ، كسوء عشرته ، أو كونه مفرطا في حقوق الله , أو نفورها منه بحيث لا تستطيع أن تؤدي حقه ، وذلك لما روى أبو داود ) 2226 والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن المختلعات هن المنافقات ) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (1934).
والله أعلم.