الحمد لله.
أولاً :
إذا علق الرجل طلاق امرأته على فعل شيء ، كأن يقول لها : إن ذهبت إلى العرس أو نحوه
فأنت طالق ، ففعلت ما نهاها عنه ، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنها تطلق بمجرد ذلك .
والقول الثاني : أنها لا تطلق إلا إذا كان قصده إيقاع الطلاق عند حدوث ما علقه عليه
، وأما إذا كان قصده مجرد تخويفها وزجرها : لم يقع طلاقه . وهذا اختيار شيخ الإسلام
ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وجمع من العلماء ، وهو الراجح المفتى به في الموقع .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (172377) ، (104587) .
ثانيا :
في حال إرادة الزوج الطلاق بهذا التعليق ؛ فإن نية الزوج معتبرة أيضا في أمر آخر ،
وهو : إذا كان مراده بعدم الذهاب : عدم الذهاب مطلقا إلى مكان العرس ، فإن طلاقه
يقع ، ولو كانت الزوجة قد ذهبت للقاء بعض قريباتها ، أو لغير ذلك من الأغراض .
وإن كان مراده : منع الزوجة عن المشاركة في خصوص العرس ، وليس له غرض في منعها من
التواجد في المكان : لم يقع الطلاق بمجرد ذهابها للتسليم على بعض قريباتها ؛ لقوله
- صلى الله عليه وسلم - : ( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا
لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) البخاري (1) ، ومسلم (1907).
جاء في شرح " غاية المنتهى " (5/343) : " ( ولو علقه ) أي : الطلاق بأن قال : أنت
طالق إن ذهبت الهند ونحوه ; فتطلق لوجود الصفة ; ..( ولو نوى بقوله السابق ) أنت
طالق ( في وقت كذا أو ) نوى إن ذهبت إلى ( مكان كذا ) أو إن كنت على صفة كذا ( تخصص
) به ; فلا يقع المعلق أولا ; لعدم وجود شرطه , ولا الثاني حتى يجيء وقته ; لأن
تخصيص اللفظ العام بالنية سائغ .." انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ " : " قالت امرأة بعد أن بعدت عن أهلها
خمس سنوات: والله لئن رجعت إلى أهلي لأصومن شهرين ، فما حددت مدى رجوعها، فحصل ظرف
اضطراري إلى أن تسافر إلى أهلها فسافرت ، فماذا عليها ؟
فأجاب: " حسب نيتها، إذا كان من نيتها أنها متى رجعت إلى أهلها على وجه الاختيار
والطمأنينة صامت الشهرين ، وليس عليها صيام إذا رجعت إلى أهلها للضرورة ، وإن قصدت
الرجوع مطلقاً ، فعليها أن تصوم شهرين.
ثم إن كانت اشترطت بنيتها، أو بلفظها أنها متتابعة ، فهي متتابعة، وإن لم تشترط
أنها متتابعة فتصوم ستين يوما ولو متفرقة " انتهى من" لقاء الباب المفتوح " ، لقاء
رقم :(129) .
والله أعلم .