كيف أخفف عن زوجي آلام الماضي ؟
تضرر شخص من زواجه السابق مرتين ، قبل الدخول بهما ، وخسر الكثير من الثروة عليهما . وقد تزوج للمرة الثالثة ، وهو يقول : إنه سعيد الآن . لكنه لم ينس آلام الماضي ، ويريد أن ينسى .
هو تقي ولكن أيضا يستمع إلى الأغاني ، يشعر بجرح المشاعر بسرعة كبيرة ، ويتوقع من زوجته أن تتعلم ألا تكسر قلبه ، على الرغم من أنه غير مقصود ، كيف يجب عليها تخفيف ألمه من دون فرض ذلك عليه ؟ فهو يكره أن يملَى عليه أي شيء ؟
الجواب
الحمد لله.
بداية، نود الترحيب بك أختنا بموقع الإسلام سؤال وجواب ، ونشكرك على الثقة بنا ،كما
لا يفوتننا أن نهنئك على اهتمامك بأمر زوجك ، وحرصك على إيجاد الطريقة السليمة
للتعامل معه كي لا تخسريه.
أختنا الفاضلة،
إن ما مر به زوجك من مشاكل نفسية ، وخسارات مادية في حياته الزوجية قبلك ، وتكرر
ذلك : كفيل بجعله يحس بالخيبة ، ولربما بقدر من فقدان الثقة ، بل إن بعض الرجال
يجعلهم الفشل في تجربة عاطفية محبطين ، وبعضهم قد يعرض عن الزواج بالكلية ، إذا
تكرر فشله ، وبعضهم قد تصبح لديه روح انتقامية ، فيرى في كل النساء تلك المرأة التي
كبدته الخسائر ، وجربت عليه الآلام ؛ فاحمدي الله أن زوجك يعترف الآن بأنه سعيد معك
، واحرصي ما أمكنك على إسعاده ، وعلى تعويضه .
وهاهنا بعض التنبيهات ، والنصائح الملائمة للمقام ، نسأل الله أن ينفع بها:
- زوجك تقي حسب ما ورد في رسالتك ، لكنه يستمع للأغاني ، فاعملي على نصحه بالإقلاع
عما يغضب الله ، بطريقة غير مباشرة ، كأن تتركي له بعض الفتاوى المسموعة والمقروءة
بالمفضلة على الجهاز ، أو بجعله يستمع معك لذلك ، كأن تشغليها حال وجوده ، واعملي
على اختيار مواد نافعة قصيرة ، وهي منتشرة بفضل الله على الشبكة ، فإن ذلك أدعى
لعدم ملله ، وافعلي ذلك بشأن كل المخالفات الشرعية التي قد تبدر منه ، واجعلي ذلك
على فترات متباعدة حتى لا يسأم ، أو يشعر منك بالوصاية عليه ، وقدمي الأهم فالمهم
مما يمكن أن يقع فيه من مخالفات .
- أشعريه على الدوام بثقتك فيه ، وفيما يقوم به ، سواء بخصوص أعماله الشخصية ، أو
ما يقدمه لك أنت ، ولو كان صغيرا ، فإن ذلك يعزز من ثقته بنفسه ، ويحببك إليه .
- حاولي ما أمكنك ألا تنبشي عن ماضيه ، وألا تكرري عليه الحديث بخصوص ما مر به من
فشل .
- إن حدثك هو عن آلامه ، فلا تظهري له ضجرك وسأمك من تكرار بوحه ، ونجواه لك ، أو
حكاياه القديمة ؛ بل وسعي خاطرك للإنصات إليه ، ولاحتوائه ، وأظهري له اهتمامك بكل
ما يقول ، وتعاطفك معه ،وكرري على مسامعه أن ذلك ماض لن يعود ، إن شاء الله ، وأن
رجاءكما إنما هو في الله ، وحسن ظنكما بربكما : أن يبدلكما خيرا ، وأن يعوضه عن
ألمه السابق ، راحة وسكونا .
-حاولي أن تتخطي معه آلام الماضي ، وحكاياه ، وذكرياته ، وليكن همكما : المستقبل ،
وكيف تستعينان بالله أن يوفقكما فيه .
-زوجك كما أخبرت رجل حساس ، ويتأثر بأقل الكلمات ويتحسس منها ، ويأخذها على محمل
الجد ، فتجعله يشعر بالانزعاج ، فعليك إذن فالابتعاد عن كل الكلام الذي يمكن ان
يسبب في جرحه وألمه، وعلى خلاف ذلك ، أكثري من الثناء عليه ، ومدحه بما هو مناسب
ملائم ، خاصة أمام عائلتيكما .
-احترمي رأيه ، و إن كنت تختلفين معه ، فلا تواجهيه بذلك ، فإنه يعتبر ذلك انتقادا
لشخصيته ، وأما مخالفة رأيه ، أو موقفه ، فليكن بأسلوب لبق ملائم .
- تجاوزي عن أخطائه الصغيرة ، ولا تجعلي منها سببا لمناكدته ، والعتب المستمر عليه
، فحسب ما يفهم من رسالتك فهو ليس عنيفا ولا عدوانيا ، فإن بدر منه ما يسوؤك ،
فتجاوزي عنه ما أمكن ، واحتسبي ذلك عند ربك .
--الرجل في حياته الزوجية قد يكون كتوما ، وقد يكون غير قادر على تحديد ما يريده من
حياته ، وأين يجد سعادته ، وربما كان هذا هو الذي يؤدي إلى الفشل في بعض الحالات .
فاعلمي أختنا أن أهم ما يريده الزوج من حياته :1- النجاح ، 2- الاستقرار والسكينة
3- الحب والرعاية والاهتمام وربما تكون هناك أشياء أخرى ، حسب الفوارق بين الرجال ،
لكن تبقى هذه أهمها؛ فاجتهدي في أن يشعر منك بالرضا والامتنان للعيش معه ، وأشعريه
بـ"السكن" المرجو من الزواج ، وجو المودة والرحمة ، التي تفتقدها كثير من الزيجات .
يسر الله لك أمرك ، وأصلح لك زوجك ، وجمع بينكما في خير .
والله أعلم.