تسمية أئمة آل البيت أولادهم بأسماء أبي بكر وعمر وعائشة يدل على كذب الروافض
هل هذه السلالة من آل البيت صحيحة ؟
إذا سمعت شخصاً يلعن عمر، فقل له : أي عمر تقصد ؟ أهوَ : عمر بن علي بن ابي طالب ؟
أم عمر بن الحسن بن علي ؟ أم عمر بن الحسين بن علي ؟ أم عمر بن علي زين العابدين بن الحسين ؟ أو عمر بن موسى الكاظم ؟ فحدد أيَّ عمر تقصد ؟
وإذا سمعت أحدهم يهتف عائشة في النار ** عائشة في النار فاسأله : أي عائشة تقصد ؟
أهيَ عائشة بنت جعفر الصادق ؟ أم عائشة بنت موسى الكاظم ؟ أم عائشة بنت علي الرضا ؟
أو عائشة بنت علي الهادي ؟ فحدد أيَّ عائشة تقصد ؟
وإذا سمعت شخصاً يسب أبا بكر و ينعته بـ ( الزنديق ) فقل له : من هو الشخص المقصود بهذه الصفة ؟ أهوَ : أبو بكر بن علي بن أبي طالب ؟ أم أبو بكر بن الحسن بن علي ؟
أم أبو بكر بن الحسين بن علي ؟ أو أبو بكر بن موسى الكاظم ؟ فحدد أيَّ أبا بكر تقصد ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
نعم ؛ كلُّ هذه السلالة من آل البيت صحيحة ؛ كما يُعلَم بمراجعة كتب التراجم
والسِّيَر والتواريخ.
بل أكثر هذه السلالة مُثبَت في كتب الشِّيعة أنفسهم :
فيُنظَر في اسم أبي بكر رضي الله عنه: " الإرشاد للمفيد " (ص 186 - 248)، و" بحار
الأنوار" للمجلسي (42/120) ، و "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب " لابن عنبة (ص
107).
ويُنظَر في اسم عمر رضي الله عنه : " بحار الأنوار " (42/120)، و " تاريخ اليعقوبي
" (2/213).
ويُنظَر في اسم عائشة رضي الله عنها: " الأنوار النعمانية " لنعمة الله الجزائري
(1/380)، و " الإرشاد " (ص 334)، و "تواريخ النبي والآل " للتستري (ص 128).
ولمزيد من التفصيل والتوسُّع يمكن مراجعة الكتب الآتية:
1- " الشجرة الزكيَّة في الأنساب وسيرة آل بيت النبوة " للواء الركن السيد يوسف
الليل، طبعة مكتبة التوبة بالرياض.
2-" الأسماء والمصاهرات بين أهل البيت والصحابة " لأبي معاذ السيد بن أحمد بن
إبراهيم، طبعة مبرة الآل والأصحاب بالكويت .
ثانياً :
تسمية هؤلاء الأسمة من آل البيت أولادهم بأسماء أبي بكر وعمر وعائشة يدل على محبتهم
لمن يحمل هذه الأسماء ، فهو دليل على كذب الشيعة الروافض في دعواهم عداء الصحابة
الكرام رضي الله عنهم لآل البيت ، فإن الإنسان لا يسمي ولده باسم أعدائه ، وإنما
يسميه باسم من يحبه ، ويحب أن يسمع اسمه يتردد في بيته ، ويرجو أن يكون ولده مثل
صاحب هذا الاسم .
وهذا هو الذي نعتقده في حال هؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عهنهم ، وهو الحق ، أن
هؤلاء الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة وسائر أمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين
كانوا يحبون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وينزلونهم منزلتهم اللائقة بهم ، وأن
آل البيت كانوا أيضا يحبون هؤلاء الصحابة الكرام ويحفظون لهم حقهم وحرمتهم أيضا .
ويكفي هذا الحديث الذي رواه البخاري (4241) ، ومسلم (1759) للدلالة على ذلك .
فعن عائشة رضي الله عنها : " أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ
تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ
خَيْبَرَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا نُورَثُ ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ)، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَالِ ، وَإِنِّي
وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ
بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ
أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا ، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي
بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ ، وَعَاشَتْ
بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَلَمَّا
تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا ، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا
بَكْرٍ ، وَصَلَّى عَلَيْهَا ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ
فَاطِمَةَ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ ،
فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ
تِلْكَ الْأَشْهُرَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ : أَنْ ائْتِنَا ، وَلَا
يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ ، فَقَالَ عُمَرُ : لَا
وَاللَّهِ ، لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَمَا
عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي ؟ وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ
أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ، فَقَالَ : إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ ،
وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ
إِلَيْكَ ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ ، وَكُنَّا نَرَى
لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبًا ،
حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ :
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي ، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنْ الْخَيْرِ ،
وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ :
مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ
رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ ، وَتَخَلُّفَهُ
عَنْ الْبَيْعَةِ ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ
وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ
يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَلَا إِنْكَارًا
لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ
نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا ، فَسُرَّ بِذَلِكَ
الْمُسْلِمُونَ ، وَقَالُوا : أَصَبْتَ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ
قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ " .
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (7/495) عن القرطبي رحمه الله قوله :
"مَنْ تَأَمَّلَ مَا دَار بَيْنَ أَبِي بَكْر وَعَلِيٍّ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ وَمِنْ
الِاعْتِذَارِ وَمَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْصَافِ عَرَفَ أَنَّ بَعْضَهُمْ
كَانَ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ الْآخَرِ , وَأَنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ مُتَّفِقَة
عَلَى الِاحْتِرَام وَالْمَحَبَّة , وَإِنْ كَانَ الطَّبْع الْبَشَرِيّ قَدْ
يَغْلِب أَحْيَانًا لَكِنَّ الدِّيَانَة تَرُدُّ ذَلِكَ . وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ"
انتهى .
والله أعلم .