كيف أتعامل مع حماتي التي تريد التفريق بيني وبين زوجي ؟
تسكن أم زوجي وأبوه معنا ، مع أنهما يمتلكان بيتاً في باكستان ، وهما في أتم الصحة ، وقد اختارا السكن عند زوجي دون غيره من أبنائهما الآخرين ، وأنا غير مرتاحة على الإطلاق بوجودهما ، خصوصاً الأمّ ؛ لأنها تمارس ما يشبه غسل الدماغ تجاه زوجي ، وفي هذا من التأثير على الحياة الزوجية وإفسادها الشيء الكثير ، كيف لا وهي ذات سابقة في هذا المضمار ، فقد سبق وأن كانت مع ابنها الآخر فتسببت بالطلاق بينه وبين زوجته ، لذلك قررت أن أقطع كل الطرق عليها وحرصت على أن لا تنفرد به ولا تحدثه ولا تخرج معه إلا وأنا موجودة ، ولا أفعل هذا الأمر اعتباطاً ، بل لأني بدأت ألحظ تغيراً في سلوك زوجي ، وهذا لا يعني أنني زوجة أنانية أريد كل شيء لي ، لا ، على الإطلاق ، فأنا مثلاً لا أجد بأساً في أن يحسن إليهما بالمال وبغيره من الإحسان ما استطاع ، لكن شرط أن لا يتم ذلك إلا بحضوري ، وأن لا يقال شيء ولا يقر شيء إلا وأنا على اطلاع .
فما رأيكم في هذا ؟
الجواب
الحمد لله.
حينما تنتقل الزوجة من بيت أبيها إلى بيت زوجها فإنها تنشد السكن والرحمة والمودة ،
ومن وراء ذلك أيضا : تنشد استقلالها بأمر بيتها ونفسها ، وتصرفها في شأن ذلك البيت
الذي صارت لها فيه قوامة ، ورعاية ؛ ومن الطبيعي أن تتضايق من وجود غيرهما بالبيت ،
ولو كان أهلها ، لما في ذلك من تضييق لمساحة حريتها ، ومن ضياع الخصوصية والهدوء في
البيت ، ونقص تمتعها بالسكن إلى زوجها وسكنه إليها ، وتخوفها من تدخل شركاء السكن
في أمر البيت ، وخصوصية حياتها ؛ ولهذا كان من الحقوق المقررة للزوجة على زوجها في
الشريعة : أن يكسنها في مسكن ، لا يشركها فيها أحد آخر ، إلا بإذنها ورضاها ، ولو
كان ذلك الشريك : هو أحد الوالدين ، أو كلاهما من باب أولى .
وينظر جواب السؤال رقم : (117957) ، ورقم
: (167997) .
لكن أختنا الفاضلة
إن الدنيا دار ابتلاء ، والفائز من خرج منها لا له ولا عليه ، والموفق من وفقه الله
إلى الحكمة والتؤدة والروية في التعامل مع من حوله ، خاصة من ذوي الحقوق ، ومع
المشكلات التي تصادفه ، ونحن ننصحك هنا بما يلي :
- اسألي الله دومًا وفي إلحاح أن يهدي لك أم زوجك ، وأن يرزقك خيرها ، ويصرف عنك
شرها ، وأن يجمع بينك وبين زوجك فيما يحبه ويرضاه ، وأن يقر عينك به ، ويقر عينه بك
.
- صبرك على خدمة والدي زوجك ليس واجبا ، لكن إن أنت فعلت ذلك توددًا لزوجك ففيه أجر
إن شاء الله فاحتسبي ، واجعلي ذلك بابا من الإحسان إليهما ، يصرف عنك شرهما ،
وعداوتهما ؛ فطالما استعبد الإحسانُ إنسانا !! وقد قال الله تعالى : ( وَلَا
تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا
الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
* وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ
هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت/34-36 ؛ فحاولي التودد إليهما ، وخاصة أمه ،
واجتهدي في كسب قلبها بذكائك في معاملتك لها ، والإحسان إليها .
- لا نفهم ما الذي سيتغير من الأمر بإلزام زوجك بعدم التعامل مع والديه إلا في
وجودك ، فإن هذا لا يصلح من الأمر شيئا ، بل قد يكون سببا في غيرة أمه خصوصا ،
وإحساسها بتطفلك عليها ، وتدخلك أنت أيضا في خصوصية علاقتها بابنها ، كما تكرهين أن
تتدخل هي في علاقتك بزوجك ، بل إن هذا الأمر قلما يفلح ، فالملازمة التامة منك لهما
أمر متعذر ، أو بالغ الغرابة ، ولن يحل من الأمر شيئا ، إذا لم يعقده أكثر ، لكن
بإمكانك التفاهم مع زوجك حول حسن السياسة لذلك الأمر ، والحكمة في التعامل مع كل
طرف ، وعدم الميل إلى جانب على حساب الآخر : ( فأعطِ كل ذي حق ، حقه ) .
- إذا لم تجدي تحسنا في وضعك المعيشي ، وعلاقتك بزوجك ، وغلب على ظنك أن استمرار
هذا الوضع ، سوف يؤدي إلى هدم البيت ، وتفريق شمل الأسرة : فليس عليك حرج بعد ذلك
في المطالبة بحقك في سكن مستقل ، ومتى احتاج والدا زوجك إلى شيء ، فهذه مهمة
أبنائها ، يسعون في تدبير حاجة والديهما ، وكفايتهما شأنهما .
وللفائدة : ينظر جواب السؤال رقم : (167997)
، ورقم : (120672) .
والله أعلم.