الحمد لله.
أولاً :
الأجير إذا قام بالعمل المطلوب منه ، فقد استحق الأجرة كاملة ، فلا يجوز لمن
استأجره أن يمنعه من ذلك الحق ، أو يعلق إعطاءه له على عمل آخر ، أو شرط جديد ؛
لورود الوعيد الشديد في ذلك ، فقد روى البخاري (2109) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، ثَلَاثَةٌ أَنَا
خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ
بَاعَ حُرًّا ، فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا ، فَاسْتَوْفَى
مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ ) ، والمعنى : أنه استوفى منه العمل المطلوب ، ولم
يعطه أجره مقابل ذلك العمل .
وكل شرط يشترط من أجل حصول الأجير على حقه ، بعد استكمال عمله : فهو شرط باطل .
وتأخير تسليمه أجرته ، أو مماطلته بها ، أو تعليق استيفائها على أمر آخر : هو من
المماطلة المحرمة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ما يفعله بعض الناس اليوم في العمال الذي يأتون
بهم من الخارج ، تجده يستأجره بأجرة معينة في الشهر ، ثم إذا جاء به إلى هنا ماطل
به وآذاه ولم يؤدِّ له حقه ، هذا والعياذ بالله يكون الله خصمه يوم القيامة " انتهى
بتصرف يسير من " شرح رياض الصالحين لابن عثيمين " (6/274) .
وعليه ، فما بقي من رواتب للخادمة عندك ، هو حق لها لا يجوز لك منعها منه ؛ لكونها
قد استحقت تلك الرواتب مقابل ما قامت به من عمل ، ومسألة رجوعها وعدم رجوعها ، ليس
له علاقة بمسألة استحقاقها للأجرة السابقة من عدمه .
ثانياً :
إذا كان الاتفاق الجديد تم تحت ضغط الإكراه ، فليس لك أن تخصم شيئاً مما خسرْته على
العقد الجديد ، وإن حبسك لرواتب ستة شهور من عمل الخادمة حتى ترجع مظنةٌ للإكراه
والرضا الاضطراري والإذعان حيث لا حيلة لها إلا القبول فيما يظهر .
وأما إذا تم الاتفاق الجديد بكامل رضاها ودون شبهة الإكراه ، فمن حقك أن تخصم من
راتب الخادمة ما خسرْته من مبالغ مالية مترتبة على العقد الجديد ، ويشمل ذلك : قيمة
العقد ، وتذكرة العودة وتجديد الجواز؛ لكونك دفعت تلك المبالغ بناءً على الاتفاق
الذي جرى بينكما ، من أنها ستعود .
وإن أسقطت حقك في هذه الحال ، ولم تخصم من راتبها شيئاً ، فهذا حسن ، وهو من باب
الإحسان لأولئك الضعفاء الذين عادة ما يكونون محتاجين للمال والمساعدة .
وأما خصم شيء من راتب الخادمة السابقة ؛ لاستئجار خادمة أخرى مؤقتة ، فلا يحل لك
ذلك ؛ بل هو باطل محض ، لا وجه له .
والله أعلم