هل هذه القصة صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم : سرق أحدهم حذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اللهم إن كان محتاجا ، فبارك له فيما أخذ ، وإن لم يكن محتاجا ، فاجعل هذا آخر ذنبه ؟
الحمد لله.
هذه القصة لا نعلم لها أصلاً في شيء من كتب أهل العلم ، وجاء في موقع " الدرر السنية " بإشراف الشيخ علوي السقاف حفظه الله ، تحت عنوان : " أحاديث منتشرة في الإنترنت " : أن هذا ليس بحديث .
وقد ذكر نحوا من هذه القصة الغزالي رحمه الله في " إحياء علوم الدين " (3/ 184) عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفا عليه ، فقال :
" وجلس ابن مسعود في السوق يبتاع طعاماً ، فابتاع ، ثم طلب الدراهم وكانت في عمامته ، فوجدها قد حلت ، فقال : لقد جلست وإنها لمعي ؟!
فجعلوا يدعون على من أخذها ويقولون : اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها ، اللهم افعل به كذا .
فقال عبد الله : " اللهم إن كان حمله عَلَى أَخْذِهَا حَاجَةٌ ، فَبَارِكْ لَهُ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ حَمَلَتْهُ جَرَاءَةٌ عَلَى الذَّنْبِ ، فَاجْعَلْهُ آخِرَ ذنوبه " انتهى .
والغزالي ليس حجة فيما ينقله في كتابه ، فكتابه مليء بالضعيف والموضوع ، وما لا أصل له من الآثار والحكايات .
قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله في خطبة كتابه "منهاج القاصدين"، وهو اختصار لكتاب " الإحياء " :
" اعلم أن في " الإحياء " آفاتٍ لا يعلمها إلا العلماء ، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة ، والموقوفة وقد جعلها مرفوعة ، وإنما نقلها كما اقتراها، لا أنه افتراها " انتهى .
فهذه القصة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن ابن مسعود رضي الله عنه ، ولكن من سُرق منه شيء فدعا للسارق بالهداية والغنى فقد أحسن .
روى الإمام أحمد في " الزهد " (ص268) عن الْعَلَاء بْن الْمُسَيَّبِ قَالَ : " سُرِقَ لِلرَّبِيعِ فَرَسٌ فَقَالَ أَهْلُ مَجْلِسِهِ : ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ: " بَلْ أَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَأَقْبِلْ بِقَلْبِهِ ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنِهِ " .
وراجع للفائدة جواب السؤال رقم : (130210) .
والله تعالى أعلم .