زوجته تسبُّه وتضربُه وتطلب منه الخلع وهو لا يريد فراقها !!
زوجتي تسيء معاملتي كثيرا ، ترفع صوتها علي ، تشتمني ، مرات تضربني ، الغريب في الأمر أنها تقول : إنها تحبني .
طلبت مني الخلع ؛ لأنها قرأت فتوى تقول : إن للمرأة أن تطلب الخلع ، إن خشيت ألا تؤدي واجباتها تجاه زوجها، هي تقول : إنها لا تستطيع احترامي ، ولا طاعتي .
لكن أليس الزواج ميثاقا غليظا ؟ أين الصبر؟ أبهذه السهولة تنسحب الزوجة من عشرة سبع سنوات ؟ ماذا أفعل الآن وقد تقدمت في العمرأبحث عن أخرى مع صعوبة الأمر؟
ألا ترون أن هنالك تسهيل في الفتوى ، لأن الزواج مبني على الصبر ، بهذا ستطلب الكثير من الزوجات الخلع .
الجواب
الحمد لله.
لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير سبب معتبر شرعا ، فقد أخرج أبو داود
(2226) ، والترمذي (1187) ، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ
سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ : فَحَرَامٌ عَلَيْهَا
رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وأيضا لا يجوز لها طلب الخلع من زوجها دون سبب معتبر شرعا ، فعن عقبة بن عامر رضي
الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إن المختلعات
هن المنافقات ) رواه الطبراني في " الكبير "(17/339) ، وصححه الألباني في " صحيح
الجامع " برقم (1934) .
ويجوز للمرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع من زوجها إن وجد سبب شرعي يدعو إلى ذلك ، وقد
سبق بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم : (117185)
.
وأنت أيها السائل الكريم : تذكُر أن زوجتك لا تعرف لك حقا ، ولا تؤدي إليك واجبا ،
بل تسيء معاملتك ، ولا تحترم قوامتك ، وتسبُّك ، وتعتدي عليك بالضرب ؛ فما الذي
يحملك على الاستمرار معها في هذه الحياة ، وما الذي يجعلك حريصا على مثل هذه ، وقد
تعدت عليك ، ولم تعرف لك حقك ، ولا قامت بواجبك ؟!
وما قالته زوجك من جواز طلب الزوجة للخلع إذا كرهت زوجها ، وخافت ألا تقيم حدود
الله معه : كلام صحيح ، دل عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة ، كما سبق بيانه في
الفتوى رقم : (26247) .
فإذا عرضت المرأة على زوجها الخلع ورفض الزوج ، فقد اختلف الفقهاء في مشروعية إلزام
الزوج بمخالعتها ، وقد ذهب فريق من أهل العلم إلى إرغام الزوج على مخالعتها حينئذ ،
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (152402)
.
وأما قولك إن الزواج مبني على الصبر والتحمل والتغافل ، فهذا ـ أيضا ـ صحيح لا شك
فيه ، لكن فيما إذا اتفق عليه الزوجان ، وهذا ما لم يتوافر في ظروفك ، فإن زوجتك قد
نفرت من الحياة معك ، وكرهت صحبتك ، وتقول : إنها لا تستطيع أن تقيم حدود الله معك
، وأنت أيضا قد تضررت من نشوزها وتأذيت من تطاولها ، فكلاكما ضائق صدره بصاحبه
وكاره لتصرفاته ، فأي مصلحة لكما بعد ذلك في بقاء هذا الزواج ، وهل استمرار الحياة
الزوجية حينئذ إلا نوع من أنواع التعذيب وضرب من ضروب الحرج الذي جاءت الشريعة
المطهرة برفعه بالطلاق أو الخلع .
والنصيحة لك في هذا المقام أن تقف مع زوجتك وقفة أخيرها تعظها فيها بالله تعالى ،
وتذكرها بعقابه سبحانه ، ثم بحقوقك عليها ، وأن هذه الحقوق واجبة عليها بموجب عقد
الزواج الذي رضيت به ووافقت عليه بمحض إرادتها ، فإن استجابت لك في ذلك فبها ونعمت
، وإن لم تستجب فلا تتردد حينئذ في تطليقها أو مخالعتها .
ولتعلم أن الله عز وجل ، فرجه قريب ، وفضله واسع ، وقد قال الله تعالى : ( وَإِنْ
يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا
حَكِيمًا ) النساء/130 ، وقال تعالى : ( إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ
خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ
غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنفال/70 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ
لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2-3 .
يسر الله لك أمرك ، وكشف همك ، ورزقك من حيث لا تحتسب .
والله أعلم .