الحمد لله.
وعلى هذا ، فإن هذه الزوجة لا تستحق من تركة أبيكم إلا الثمن ، فذلك هو حقها الشرعي لوجود الفرع الوارث للميت ، قال تعالى ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء : 12 ، وما عدا ذلك فهو للورثة يقسَّم بينهم ، إلا أن يشاء الورثة الراشدون أن ينفذوا لها وصيتها فعند ذلك تنفذ ، فقد جاء في إحدى روايات الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه : ( لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في
" المغني " (6/58) : " ( ولا وصية لوارث , إلا أن يجيز الورثة ذلك ) وجملة ذلك أن
الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية ، فلم يُجزها سائر الورثة ، لم تصح ، بغير خلاف بين
العلماء . قال ابن المنذر ، وابن عبد البر : أجمع أهل العلم على هذا . وجاءت
الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ... وإن أجازها [ باقي الورثة ] ،
جازت ، في قول الجمهور من العلماء " انتهى .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى " (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث ، ولا تصح لوارث ، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني ، وزاد في آخره : ( إلا أن يشاء الورثة ) " انتهى .
وعلى ذلك : فإن ما تركته
زوجة أبيكم بعد موتها ، يتم التعامل فيه كالتالي :
أولا : ما كان منها من مال خاص بها ، مملوك لها في حياتها , فإنه يقسَّم بين ورثتها
فقط ، ولا حق لكم فيه ؛ لأنكم لستم من ورثتها .
ثانيا : إن كان أبوكم قد وهب لها في حال حياته وصِحَّته هبة , وكانت قد قبضتها
وحازتها إلى ملكها ، بحيث تتصرف فيها تصرف الملَّاك : فإن هذا يعتبر أيضا من جملة
مالها الخاص ، فيقسم بين ورثتها دونكم .
ثالثا : وأما مالها من زوجها ، الذي هو أبوكم : فنصيبها منه الثمن ، وهو حق لها ،
يقسَّم بين ورثتها دونكم .
أما ما زاد على الثمن من مال أبيكم ، سواء أوصى لها به ، أو لم يوص : فإنه ملك لكم
وحدكم ، يقسَّم بينكم على وفق حدود الله سبحانه ، فإن شئتم أن تتنازلوا لها عنه ،
أو عن شيء منه : فهذا جائز لمن كان منكم رشيدا ، وأما من كان منكم سفيها أو صغيرا :
فلا يصح تنازله ولا موافقته .
والله أعلم .