صندوق تعليمي يبيع مقاعد دراسية على الطلاب بالأقساط
أنا طالب في جامعة خاصة في الأردن ، تعرفت على صندوق للتعليم يدفع الأموال كاملة للجامعة ، ومن ثم يقسط علينا المبلغ من سنة إلى 5 سنوات .
وتفاصيل العقد بين الطالب والصندوق كالتالي :
1. يقوم الصندوق بشراء المقعد الدراسي من الجامعة ، ويتحمل الصندوق أي اضرار قد تحدث للمقعد الدراسي . فإن وقع خطر في الجامعة أدى الى ضياع الأموال المدفوعة فإن الصندوق يتحمل الخسائر بشكل كامل أي أنه يملك المقعد الدراسي بشكل تام .
2. يتم دفع مبلغ الدراسة لكل فصل كامل من الصندوق نفسه ـ أي أن أصحاب الصندوق هم شخصياُ من سيدفعون الأموال للجامعة ويقسطونه علينا .
3. هناك ربح متفق بيننا وبين أصحاب الصندوق .
4. لا يوجد زيادة على التأخير في الدفع ، أي أنه في حال تأخر الطالب في الدفع ، فإن الصندوق ينتظر الى ميسرة ومن شهر أو شهرين يكلم الكفيل من دون أي زيادة على المبلغ المتفق عليه.
والسؤال : هل هذا العقد جائز ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
حقيقة هذه المعاملة أن الصندوق يستأجر مقعداً دراسياً من الجامعة ثم يؤجر هذا
المقعد للطالب ، ويقسط الأجرة عليه ، ويضاف إليها نسبة أرباح متفق عليها .
والإجارة نوع من أنواع البيوع ، لأنها بيع منفعة ، وليست بيعَ عينٍ ، والصندوق إنما
يشتري حق الدراسة ، ولا مانع من التعبير عن الإجارة بالبيع .
وهذه المعاملة جائزة لعموم قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ )
البقرة/275 ، ولأن الأصل في المعاملات أنها جائزة ، ولا يمنع منها إلا ما دل الدليل
الشرعي على منعه .
ونظراً لكون الإجارة وقعت على نفع عين معينة ، وهي مقعد دراسي في جامعة معينة وتخصص
محدد وطاقم تدريسي معروف ، فإنه يشترط لجواز هذه المعاملة : أن يقوم الصندوق بشراء
المقعد من الجامعة أولاً قبل أن يبيعه على الطالب ، أما بيعه على الطالب قبل شرائه
فيدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ)
رواه الترمذي (1232) وصححه الألباني .
أما ما ذكرته من " أن الصندوق يتحمل المسؤولية الكاملة تجاه أية خسائر أو أضرار تقع
".
فهذا يدل على جواز المعاملة وأن الصندوق ليس مجرد مقرض للطالب مقابل فائدة ، بل هو
اشترى المقعد شراءً حقيقياً من الجامعة وامتلك ذلك المقعد .
وعدم وجود غرامة تأخير على الطالب إذا تأخر في السداد : يدل على حرصهم في الابتعاد
عن الحرام ، فإن غرامة التأخير في هذه الحالة تكون رباً محرماً ؛ لأن القسط الذي
على الطالب صار دينا عليه ، وفرض غرامة التأخير في الديون صورة من صور الربا الذي
لا يختلف في تحريمه .
جاء في قرار المجمع الفقهي رقم : (133) ، (7/14) : "إذا تأخر المشتري المدين في دفع
الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق ، أو بدون
شرط ، لأن ذلك ربا محرم " انتهى .
وأما الربح المتفق عليه بين الطالب وأصحاب الصندوق ، وهذا الشرط جائز ويسميه
العلماء " بيع المرابحة " ، وهو البيع بنسبة ربح معلومة يتم الاتفاق عليها .
قال الشيخ ابن قاسم رحمه الله تعالى في "حاشية الروض المربع " (4/458) شارحاً لبيع
المرابحة : " فيقول مثلا : رأس مالي فيه مائة ، بعته لك بها ، وربح عشرة ، صح ، لأن
الثمن والربح معلومان" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في " الشرح الممتع " (8/330) : " والمرابحة
أن يبيعه برأس ماله وربح معلوم ، فيقول : بعتك برأس ماله وربح عشرة ريالات ، أو :
بعتك برأس ماله مع ربح العشر ، أي : سواء عين الربح أو نسبته " انتهى .
ثانياً :
إذا كان الصندوق لا يشتري المقعد الدراسي إلا بعد أن يتم الاتفاق بينه وبين الطالب
، فهذا فيه تفصيل :
فإن كان هذا الاتفاق ملزماً للطرفين ، فقد باع الصندوق المقعدَ للطالب قبل أن يدخل
في ملكه ، وهو ممنوع كما سبق .
ومما يدل على إلزام الطالب بهذا الاتفاق : أن يُطلَب منه دفع مبلغ من المال مقدما
تحت أي اسم : "هامِشِ الجِدِّية " أو " ضَمانِ الجِدِّية " أو " القِسْطِ الفوْرِي
" ... إلخ .
أما إذا كان الاتفاق بين الصندوق والطالب ليس ملزماً ، وكان كل طرف له الحق في عدم
إتمام الصفقة ، ويكون هذا الاتفاق مجرد وعد من الصندوق بأنه سيشتري المقعد من
الجامعة ويبيعه للطالب ، فذلك جائز .
وبهذا صدر قرارُ مجمعِ الفقهِ الإسلاميِّ (40 - 41 ) ، وفيه : " المواعدةُ وهي التي
تصدرُ من الطَّرفين ، تجوزُ في بيعِ المرابَحةِ بشرطِ الخِيارِ للمتواعدين كليهما
أو أحدهما ، فإذا لم يكن هناك خِيارٌ فإنَّها لا تجوزُ ، لأنَّ المواعدةَ الملزمةَ
في بيع المرابحة تشبه البيعَ نفسَه ، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع
حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده
" انتهى .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (126452)
، (140603) .
والله أعلم .