إن المتتبع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى فرقاً على الإطلاق بين الواجب والفرض، فمن أين أتت هذه التقاسيم إذا ، وما تحرير القول فيها؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.
الحمد لله.
جمهور الأصوليين – ما عدا الحنفية ، ورواية عن الإمام أحمد - على أن الفرض والواجب مترادفان .
والفرض ، أو الواجب : هو ما أمر به الشارع على سبيل الإلزام ، بحيث يستحق فاعله الثواب ، ويستحق تاركه العقاب . وسواء ثبت لزومه بدليل قطعي ، أو دليل ظني , فلا فرق بينهما في الحكم ، ولا في الثمرة .
وأما الأحناف : فيفرقون بين الفرض والواجب ؛ فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي , والواجب ما ثبت بدليل ظني .
جاء في اللمع في أصول الفقه للشيرازي (23): " والواجب ، والفرض ، والمكتوب : واحد ؛ وهو ما يعلق العقاب بتركه .
وقال أصحاب أبي حنيفة : الواجب ما ثبت وجوبه بدليل مجتهد فيه ، كالوتر والأضحية عندهم . والفرض ما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به ، كالصلوات الخمس والزكوات المفروضة وما أشبهها . وهذا خطأ ؛ لأن طريق الأسماء : الشرع واللغة والاستعمال ، وليس في شيء من ذلك فرق بين ما ثبت بدليل مقطوع به ، أو بطريق مجتهد فيه." انتهى.
وفي قواطع الأدلة في الأصول (1 / 131): " الفرض والواجب : واحد عندنا .
وزعم أصحاب أبي حنيفة : أن الفرض ما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به , والواجب ما ثبت وجوبه بدليل مظنون " انتهى.
وفي الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (1 / 99): " فلا فرق بين الفرض والواجب عند أصحابنا (الشافعية) ... وخص أصحاب أبي حنيفة اسم الفرض بما كان من ذلك مقطوعا به ، واسم الواجب بما كان مظنونا ... والأشبه (أي : الأرجح) ما ذكره أصحابنا من حيث إن الاختلاف في طريق إثبات الحكم حتى يكون هذا معلوما وهذا مظنونا ، غير موجب لاختلاف ما ثبت به " انتهى .
وينظر للفائدة : "البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (1/240-244) .
والخلاف بين الجمهور وأبي حنيفة في هذه المسألة : خلاف لفظي ، لا يترتب عليه مسألة علمية ؛ لأن الجميع متفقون على أن الفرض والواجب كلاهما يلزم المكلف أن يفعلهما ، وأنه إذا تركهما فإنه يعرض نفسه لعقاب الله تعالى .
فهذا القدر متفق عليه بين جميع العلماء . وهذا هو ما يُحتاج إليه في الأحكام الفقهية .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (127742) .
والله أعلم .