الحمد لله.
الحجاب فريضة محكمة من الله تعالى على المسلمة ، ثبتت فرضيتها بمحكم القرآن ، وصحيح
السنة ، وإجماع الأمة بمختلف مذاهبها ومدارسها ، لم يشذّ عن ذلك مذهب ، ولم يخالف
فيه فقيه ، واستقر عليه العمل فيما مضى من قرون الأمة ، قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 .
والواجب المتحتم على كل مسلم : أن يلتـزم بفرائض دينه ، ويعمل على إرضاء ربه
وامتثال أمره
وليس من حق أحد أن يجبر المسلم ، تحت أي ضغط مادي أو معنوي ، على التخلِّي عن ذلك ،
وترك طاعة ربه .
وقد سبق بيان صفات الحجاب الشرعي في الفتوى رقم : (6991)
.
ولا يجوز لمسلمة أن تخالف في هذه الصفات , ولا يجوز لها أن تبقى في مكان لا تتمكن
فيه من الالتزام بهذا اللباس الشرعي , بل عليها إن حدث لها تضييق في مكان ما ،
وخافت أن تلتزم فيه بالحجاب أو غيره من شعائر دينها : أن تهاجر منه , فإن الهجرة من
مثل هذه الأماكن واجبة ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (13363)
.
وأيضا فإن من العلم الشرعي ما هو واجب على كل مسلم تعلمه ، فلا يجوز له أن يتهاون
فيه ولا يعذر فيه بالجهالة , وذلك مثل العلم بوحدانية الله سبحانه وربوبيته
وإلوهيته , والعلم بالواجبات العينية على كل مسلم ومسلمة , ومثل هذا العلم : يجب
على كل مسلم أن يتعلمه , كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم : (161081).
فعلى المسلم أن يبذل كل وسيلة ، ويسلك
كل طريق لتعلم هذا النوع من العلم , فإن أخذ بالأسباب ووجد تضييقا عليه في مكان ما
، بحيث حيل بينه وبين التعلم : وجب عليه أيضا أن يهاجر من هذا المكان إلى مكان آخر
, تماما كما قلنا: إذا وجدت المسلمة تضييقا عليها في لبس الحجاب الشرعي ، وجب عليها
أن تهاجر إلى بلد آخر تتمكن فيه من طاعة ربها ، وستر بدنها على ما أراده الله وفرضه
.