تُعاني من كثرة تحدث زوجها حديث العهد بالإسلام مع زميلته في الدراسة عبر الهاتف ، فماذا تفعل ؟
أعاني من مشكلة مع زوجي فنحن صغار في السن وزوجي من المسلمين الجدد ، وقد كان معجباً بفتاة مسلمة يتحدث إليها كثيراً قبل اعتناقه للإسلام حيث كانا معاً في نفس الصف وساعدته هذه الفتاة كثيراً في التعرف على الإسلام ، ولكن المشكلة هي أنه لا يزال يتحدث معها عبر الهاتف ويقول أنه يتحدث معه عن أمور الدراسة فقط وأنه يصعب عليه تجنبها ؛ لأنها في نفس الصف ، ومؤخراً فقط بدأ يحاول تجنبها في المدرسة وأصبح يقتصر في كلامه معها على المحادثات الجماعية وأنا ممتنة لفعله ذلك ولكنني لا أفهم لماذا لا يتوقف عن الحديث معها عبر الهاتف خصوصاً وأنّ ذلك سبب المشاكل بيننا ، فهو يقول أنني أبالغ في ردة فعلي ، وأنه لا يوجد شيء بينه وبينها ، وحتى عندما طلبت منه الزواج منها إن كان مصر على التحدث معها أخبرني أنه ليس مهتماً بالزواج منها ولا أدري ماذا أفعل ، فأنا لا أريد أن أقول شيئاً سيئا عنها وأخشى أن أصيبها بالعين دون أن أشعر وقد فكرت بالتحدث معها حول هذا الموضوع ولكنني محرجة من فعل ذلك وأخشى أن تظن هي أيضاً أنني أبالغ في ردة فعلي .
الجواب
الحمد لله.
لا شك أن محادثة النساء الأجانب لغير حاجة من أعظم أبواب الفتنة ، ومما يجر الكثير
من الشرور والفساد على الرجل والمرأة جميعا .
قال ابن الجوزي رحمه الله في "ذم الهوى" (ص/582):
" ومن التفريط القبيح الذي جر أصعب الجنايات على النفس : محادثة النساء الأجانب ،
والخلوة بهن ، وقد كانت عادة لجماعة من العرب ، يرون أن ذلك ليس بعار ، ويثقون من
أنفسهم بالامتناع من الزنا ، ويقنعون بالنظر والمحادثة ، وتلك الأشياء تعمل في
الباطن وهم في غفلة عن ذلك، إلى أن هلكوا ، وهذا هو الذي جنى على مجنون ليلى وغيره
، ما أخرجهم به إلى الجنون والهلاك ، وكان غلطهم من وجهين :
أحدهما : مخالفة الشرع الذي نهى عن النظر والخلوة .
والثاني : تعريض الطبع لما قد جبل على الميل إليه ، ثم معاناة كفه عن ذلك ، فالطبع
يغلب ، فإن غَلَبَ وقعت المعاصي ، وإن غُلِبَ حصل التلف بمنع العطشان عن تناول
الماء " انتهى.
فعلى كل مسلم ألا يعرض نفسه لهذا الخطر المحدق ، وأن يجتنب محادثة النساء الأجانب
إلا في حدود الحاجة الضرورية ، ومن فعل ذلك فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن لم يمنع
نفسه من ذلك عرضها للفتن ، وأوقع نفسه في حبائل الشيطان .
ولكن إذا كان الرجل حديث عهد بالإسلام ، وكان من قبل في بيئة لا ترى حرجا في محادثة
النساء ومخاطبتهن ، وقد تربى على ذلك وألفه ، فإنه ينبغي التلطف في نصحه ، والترقق
له في الوعظ ، والتأني معه في إقامة الحجة والبينة الواضحة على أن ذلك مما يمنعه
الإسلام ، لا للتضييق على الناس ، ولكن صيانة للأعراض ، وحفظا للنفوس من الوقوع في
الفتن ، ورغبة في كمال التعفف .
- فالتمسي له العذر أولا ؛ لجهله بالحكم الشرعي ، حتى يكون ذلك معينا لك على
مخاطبته باللين والصبر عليه .
- ثم بيني له أن الذي يفعله مما تحرمه الشريعة الإسلامية ، حفاظا على دين المرء
وعرضه ، وطلبا لكمال التعفف وحسن الأخلاق .
- وحذريه من الآثار السيئة التي تترتب على هذا الفعل ، من التعرض للوقوع في الفتنة
، ومن اقتراف الإثم لمخالفة الشرع ، ومن تعرضك أنت للضيق والحرج والحزن ، وما يترتب
على ذلك من الهم والغم .
- ولا تقابلي الأمر بالشدة وسرعة الانفعال والغضب ، ولكن بيني له أنك حريصة على
دينه ، مهتمة بأمره ، تحذرين عليه من الوقوع في الفتن ، ومن ارتكاب ما حرم الله .
- ولا بأس أن تفاتحيها في هذا الأمر ، وتنصحيها بالمعروف ، وتبيني لها بلطف ولين
الحكم الشرعي ، وما يترتب على محادثة زوجك من الآثار السيئة والعواقب غير المحمودة
، وأن ذلك يؤذيك ، ومن المروءة والشهامة أن تكف هي عن ذلك مراعاة لمشاعرك .
- ولا داعي لذكرها بالسوء ، وتجريحها ، في حضرتها أو غيبتها .
- وتحلي بالصبر دائما ، واستعيني بالدعاء وكثرة التضرع إلى الله ، فالدعاء سلاح
المؤمن ، ومن لجأ إلى الله في كربه واستعان به في زوال همه وغمه أعانه الله ، فإنه
سبحانه وتعالى يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء .
والله تعالى أعلم .