حكم العلاج بطريقة عجيبة غير معقولة
قامت جدتي بفتح بيتها كمكان للعلاج البديل ، وقد تمت دعوة شخص لتولي مهمة معالجة الناس بطرق غير تقليدية ؛ حيث يقوم المعالج بنقل المرض من داخل جسم المريض إلى زجاجة ماء خاصة ، وحينما ينجح في نقل المرض يتحول الماء الذي بداخل الزجاجة إلى اللون الأحمر كما يظهر في داخل الزجاجة شيء ما يطفو داخلها، وقد رأيت هذا الشيء بنفسي ، وجميع المرضى الذين يأتون للعلاج هم من الأشخاص المصابون بأمراض عديدة مثل السرطان والسمنة والأورام .
فما حكم هذا النوع من العلاج مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ طريقة العلاج غير منطقية وتستحيل عقلاً ولا يمكن حصولها علمياً ؟
الجواب
الحمد لله.
الذي يظهر والله أعلم أن هذا من الشعوذة ، وأن هذا الرجل يستعين بالجن ليخدع المريض
ويأخذ منه مالا ، لأن العلاج إما أن يكون بأسباب شرعية ؛ كالأدعية والأذكار الخالصة
لله تعالى كما في الرقية الشرعية ، وإما باستعمال الأسباب المادية التي قدرها الله
تعالى ويعرفها أهل الخبرة وهم الأطباء ، وذلك بتناول الدواء أو بالعمليات الجراحية
وما شابه ذلك ، والذي ذكرته أنت ليس من الأسباب الشرعية قطعا ، وليس من الأسباب
المادية أيضا التي يعرفها الأطباء ، والمريض حتى يتم علاجه بالأدوية لا بد أن
يتناول شيئا أو يُفعل به شيء محسوس عُلم تأثيره بالأبحاث والتجارب ، كما لو تناول
المريض دواء عن طريق الفم أو الحقن ، أو تم تعريضه لنوع من الأشعة ونحو ذلك ، فلا
بد أن يكون هناك علاج حسي يصح أن يكون سببا في حصول الشفاء للمريض .
وأنت لم تذكر في سؤالك شيئا من هذا ، فالذي يظهر أن هذا نوع من الاستعانة بالجن ،
فيكون غير جائز .
ولا يجوز للإنسان أن يثبت سببا للشفاء من المرض لم يثبت ، لا شرعا ولا قدرا
(بالأبحاث والتجارب) أنه سبب ، فذلك نوع من الشرك ، قال الشيخ السعدي رحمه الله عمن
لبس حلقة في يده ليدفع بها عن نفسه المرض قبل نزوله أو يرفعه بعد نزوله ، قال :
" فليس هذا من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة ، التي يحصل بها المقصود ، ولا من
الأدوية المباحة النافعة ، وكذلك هو من جملة وسائل الشرك ، فإنه لا بد أن يتعلق قلب
متعلقها بها ، وذلك نوع شرك ووسيلة إليه .
فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه ، التي
يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه ، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم أو جرب نفعها
مثل الأدوية المباحة كان المتعلق بها متعلقا قلبه بها راجيا لنفعها ، فيتعين على
المؤمن تركها ، ليتم إيمانه وتوحيده ، فإنه لو تم توحيده لم يتعلق قلبه بما ينافيه
، وذلك أيضا نقص في العقل ، حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه ، بل هو
ضرر محض .
والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين ، وعلى تكميل
عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات ، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول ،
المزكية للنفوس ، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها . والله أعلم " .
انتهى من " القول السديد شرح كتاب التوحيد " ( ص 105 – 106 ) .
والله أعلم .