الحمد لله.
فإن لم يكن ذلك مما يشق عليه
، أو يضايقه ، ورأت في ذلك نوعا من إكرام أهلها ، والتوسعة عليهم في زيارتهم : فلا
حرج عليها في طلب ذلك ، بالشرط المتقدم ذكره .
وإلا ، فليس لها أن تطلب ذلك ، ولا أن تستضيف من أهلها من يشق مقامه في بيت زوجها
على صاحب البيت ، أو يحرجه .
ولا يحل للضيف أن يوقع صاحب البيت في الحرج ، أو يكلفه فوق ما يطيق :
روى البخاري (5748) عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ ) .
وفي لفظ مسلم (48) : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ ؟ قَالَ يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ ) .
والحاصل :
أن إكرام الضيف : من مكارم الأخلاق التي مازال الناس يتعارفونها ، ويتأكد حقه إذا
كانوا أصهارا للرجل ، فلهم حق زائد عليه ؛ لكن لا يحل لهم أن يوقعوه في حرج أو
يشقوا ، أو ينزل به بحيث يضيق عليه بيته ، ولا يمكنه المقام فيه .
وتوسع المرأة في المجلس ، واسترواحها لأهلها وأخواتها : ليس عذرا تقضي منه من زوجها
ما يشق عليه .
لكن إن أمكن الزوج أن يوسع على ضيفه وأصهاره ، ويفسح لأهله مع أخواتها ، ولم يشق
ذلك عليه ، فهو من مكارم آدابه وأخلاقه ، وتبرع يحمد عليه .
فمتى كره ذلك ، أو كان يشق عليه ، وجب على زوجته ألا تعنته ، بل تعفيه من مثل ذلك
الحرج .
والله أعلم .