ابني طالب في السنة الثانية من الجامعة حيث استفاد من قرض الطالب ، ولكنني لم أعلم بحرمة هذا القرض إلا مؤخراً ، ومن أجل سداد هذا القرض فإنه يتوجب على ابني الحصول على وظيفة ذات دخل سنوي يزيد عن 21000 باوند ، وإلا فلا يجب عليه إعادة المبلغ . سؤالي هو: ماذا سيحصل لو لم يتمكن ابني من الحصول على وظيفة تضمن له دخلاً يحقق شرط وجوب تسديد القرض ؟ أرجو الرد في أسرع وقت ممكن ، فأنا أرغب في أن يحصل ابني على شهادة جامعية تمكنه من الحصول على وظيفة في مجال التدريس في دولة مسلمة .
الحمد لله.
الظاهر من السؤال : أن هذا القرض كان قرضا ربويا .
والمسلم الذي يقترض قرضا ربويا ، وهو لا يعلم تحريمه : لا إثم عليه فيما مضى من ذلك ، وإنما عليه بعد العلم بتحريمه أن ينهي الصفقات الربوية المستمرة معه ، بما أمكنه ، وأن يتوقف عن عقد صفقات جديدة ، وأن يعزم على ألا يفعله مرة أخرى في المستقبل .
وقد رفع الله تعالى الإثم عن المسلم إذا فعل معصية على سبيل الخطأ والجهل بحكمها ، فقال الله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب /5 .
وقال الله تعالى فيمن أكل الربا قبل تحريمه : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) البقرة/275.
قال السعدي رحمه الله في "تفسيره" (ص 959) :
" فكل من تاب من الربا، فإن كانت معاملات سالفة ، فله ما سلف ، وأمره منظور فيه [أي في المستقبل هل سيترك الربا أو يعود إليه؟] ، وإن كانت معاملات موجودة ، وجب عليه أن يقتصر على رأس ماله، فإن أخذ زيادة ، فقد تجرأ على الربا" انتهى .
أي أن من أكل الربا قبل تحريمه فلا حرج عليه فيما مضى ، ومثل ذلك من تعامل بالربا وهو لا يعلم تحريمه .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (2492) ، (106610) .
وبناء على ذلك :
فإذا وجد ابنك العمل الذي يوفر له الدخل اللازم لسداد القرض : وجب عليه ذلك السداد ؛ فإن كان يمكنه أن يسدد رأس المال فقط ، ويسقط عنه الزيادة الربوية : فهو أفضل له ، وليس للجهة المانحة من القرض : أن تأخذ منه أكثر من رأس المال .
وإن لم يمكنه السداد إلا بالزيادة الربوية : فلا إثم عليه هو في ذلك السداد ، ما دام قد اقترضه قبل أن يعلم بالتحريم .
وأما إن لم يجد ابنك الوظيفة التي تسمح له بسداد القرض ، وفق الشروط التي وضعتها الجهة المانحة : فلا حرج عليه في ذلك ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، ولا حرج عليه أن ينتظر حتى يرزقه الله تعالى ، وحينئذ لا حرج عليه أن ينتظر حتى يجد عملا يحقق له الراتب المذكور حتى يمكنه سداد القرض الربوي والتخلص منه ، أو يسقطه عنه صاحب الدين بالكلية .
والجهة المقرضة إنما اشترطت ذلك على نفسها ، تيسيرا على الطلاب المقترضين ، وهي على بينة من أن بعضهم ، أو كثيرا منهم ، لن تتاح له الفرصة المذكورة ، فوضعت ذلك الشرط ، وعدا بإسقاط الدين ، عند عدم تحقق القدرة على الوفاء ، بالصورة التي شرطتها .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (9700) .
والله أعلم .