معظم أجوبتكم عن الصدقة للميت فيها غموض من ناحية أني لم أرى بيان ما يستفيده المتصدق من الأجر إن تصدق عن غيره ، فإن لم يكن لي أجر في الصدقة ، وكانت لغيري فلماذا أفضله على نفسي في الصدقة وأنا أحتاج ثوابها كاملا لأن أعمال الآخرة كما أظن لا يوجد فيها إيثار ؟ وبالمختصر: كنت أظن أنني أحصل على ثواب الصدقة ويذهب مثل ثوابي لمن أتصدق عنه ، وإن لم يكن كذلك فكيف أفضل غيري على نفسي ؟ مع أنه للأب الميت فضل كبير على ابنه بتربيته والإنفاق عليه .
الحمد لله.
الصدقة عن الميت تنفعه ويصل ثوابها إليه بإجماع المسلمين .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (42384) .
وكذلك ينال المتصدِّقُ الأجرَ على هذه الصدقة .
ويدل على ذلك ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه" (1004) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها : " أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا (أي: ماتت فجأة ) ، وَإِنِّي أَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟
قَالَ: ( نَعَمْ ) " .
قال النووي رحمه الله : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت وَاسْتِحْبَابهَا , وَأَنَّ ثَوَابهَا يَصِلهُ وَيَنْفَعهُ , وَيَنْفَع الْمُتَصَدِّق أَيْضًا , وَهَذَا كُلّه أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ " .
انتهى من " شرح صحيح مسلم " (11/ 84) .
وقال الشيخ ابن باز : " فالصدقة تنفع الميت ، ويرجى للمتصدِّق مثل الأجر الذي يحصل للميت ؛ لأنه محسن متبرع ، فيرجى له مثل ما بذل كما قال عليه الصلاة والسلام : (من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) ، فالمؤمن إذا دعا إلى خير ، أو فعل خيرا في غيره يرجى له مثل أجره ، فإذا تصدق عن أبيه أو عن أمه أو ما أشبه ذلك فللمتصدق عنه أجر ، وللباذل أجر .
وهكذا إذا حج عن أبيه أو عن أمه فله أجر ، ولأبيه وأمه أجر ، ويرجى أن يكون مثلهم أو أكثر لفعله الطيب ، وصلته للرحم ، وبره لوالديه ، وهكذا أمثال ذلك ، وفضل الله واسع .
وقاعدة الشرع في مثل هذا : أن المحسن إلى غيره له أجر عظيم ، وأنه إذا فعل معروفاً عن غيره يرجى له مثل الأجر الذي يحصل لمن فعل عنه ذلك المعروف " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (14/313) .
والله أعلم .