الحمد لله.
فالمصلح والمرشد الاجتماعي
إذا كان واحدا من هؤلاء الثمانية ، كأن يكون فقيرا أو مسكينا أو غارما إلى آخره ؛
جاز أن يعطى من الزكاة .
وإن لم يكن واحدا منهم فلا تعطى له الزكاة ، وليس وصف "المصلح" أو "المرشد" مما
يتعلق به إعطاء الزكاة في دين الله ، كما يتضح مما سبق .
إلّا أنّ أهل العلم اختلفوا
في المصرف السابع ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) بسبب الاختلاف في مفهوم ( وَفِي
سَبِيلِ اللَّهِ ) فمن نظر إلى المعنى اللغوي العام جعلها تشمل جميع أنواع البرّ
والخير ، ومن نظر إلى عرف الشارع قصرها على الغزو .
قال ابن الاثير رحمه الله تعالى :
" فالسبيل : في الأصل الطريق ويذكر ويؤنث ، والتأنيث فيها أغلب . وسبيل الله عام
يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل
وأنواع التطوعات ، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد ، حتى صار لكثرة
الاستعمال كأنه مقصور عليه " انتهى من " النهاية في غريب الحديث " (2 / 338 - 339)
.
وجماهير أهل العلم (ومنهم الأئمة الأربعة) اختاروا من حيث الجملة أن المراد بـ (
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) الغزاة .
قال ابن قدامة رحمهم الله تعالى :
" ولا خلاف في أنهم الغزاة في سبيل الله ؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو ...
فإذا تقرر هذا ، فإنهم يعطون وإن كانوا أغنياء .
وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وابن المنذر. وقال
أبو حنيفة وصاحباه: لا تدفع إلا إلى فقير – أي الغازي الفقير - " انتهى من " المغني
" (9 / 326) .
وقال أيضا :
" لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما ينصرف إلى الجهاد ، فإن كل ما في القرآن من ذكر
سبيل الله ، إنما أريد به الجهاد ، إلا اليسير ، فيجب أن يحمل ما في هذه الآية على
ذلك ؛ لأن الظاهر إرادته به ، ولأن الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين ، محتاج إليها ،
كالفقراء والمساكين وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم ، أو من يحتاج إليه المسلمون
، كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين " انتهى من " المغني " (9 /
328 – 329) .
ونُسب إلى بعض الفقهاء قديما
أنهم اختاروا المعنى اللغوي العام فجعلوا مصرف ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يشمل كل
أنواع البرّ ، واختار عدد من العلماء المتأخرين هذا القول .
جاء في " تفسير الرازي " ( 16 / 115 ) :
" واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) لا يوجب القصر على كل
الغزاة ، فلهذا المعنى نقل القفال في تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف
الصدقات إلى جميع وجوه الخير ، من تكفين الموتى وبناء الحصون وعمارة المساجد ، لأن
قوله : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) عام في الكل " انتهى .
واختاره بعض المتأخرين منهم الشيخ صديق حسن خان رحمه الله تعالى في "الروضة الندية".
لكن ضُعِّف هذا القول بأنه لو كان ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) المراد بها عموم أوجه البرّ ، لكان التنصيص على الأصناف السبعة الأخرى بلا فائدة ، لأنها داخلة في عموم البرّ ، وكلام الله تعالى منزه عن اللغو .