الحمد لله.
قال ابن المنذر رحمه الله :
" فَإِذَا فَاتَ جَمَاعَةً الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّوْا جَمَاعَةً
اتِّبَاعًا " انتهى من " الأوسط " (4/216) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ [ يعني : وجوب صلاة الجماعة ] : فَإِذَا صَلَّى
الرَّجُلُ وَحْدَهُ . وَأَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ :
فَعَلَ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ : اسْتَغْفَرَ اللَّهَ
" انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/242) ، وينظر " مجموع الفتاوى " (23/233) .
ووجوب الجماعة الثانية ، مع
الإمكان ، لمن فاتته الجماعة الأولى : محتمل ، متوجه على قول من يقول بأصل وجوب
صلاة الجماعة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الجماعة الثانية مشروعة ، وقد تجب لعموم الأدلة إذا فاتته الجماعة الأولى، فإذا
جاء الإنسان إلى المسجد ، وقد صلى الناس ، وتيسر له جماعة : فإنه مشروع له أن يصلي
جماعة ، ولا يصلي وحده .
وقد يقال بالوجوب ، لعموم الأدلة .
ومن الدليل على هذا " أن رجلا جاء والنبي صلى الله عليه وسلم قد سلم من صلاته ،
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من يتصدق على هذا فيصلي معه ) " .
ولعموم الأدلة الدالة على أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة .
ومن قال : إنها تختص بالأولى : فعليه الدليل المخصص ، ومجرد الرأي ليس حجة .
ويدل على ذلك – أيضا - قوله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل في جماعة تفضل على
صلاته في سوقه وفي بيته بخمس وعشرين ضعفا ) .
فإذا فاتته الأولى ، ويسر الله جماعة في مسجد آخر ، أو في نفس المسجد ، فمشروع له
أن يصلي جماعة .. " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (12/166) .
وقال - أيضا - رحمه الله (12/169) : " الواجب عليهم أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم
الجماعة الأولى ؛ لعموم الآيات والأحاديث في الأمر بالصلاة في الجماعة ، ولكن فضلها
ليس كفضل الجماعة الأولى " انتهى .
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه
الله عن رجل تخلف عن الجماعة الأولى أيصلي منفردا وهو يجد متخلفين آخرين ؟
فأجاب : " عليه أن ينتظر جماعة من المتخلفين... وليس له أن يصلي وحده مع وجود جماعة
متخلفين " . انتهى من " فتاوى ابن جبرين " (13/54) بترقيم الشاملة .
على أن ذلك لا يعني أن
السائل قد أثم بفعله ذلك ، وصلاته منفردا ؛ وذلك لأن نفس وجوب الجماعة : مختلف فيه
من أصله ، اختلافا معتبرا ، بين أهل العلم ، ثم الجماعة الثانية ، أو صلاة المرء مع
غيره : ليس هو كالجماعة الأولى ، في الفضيلة ، وليس القول في حكمها أيضا بقوة وظهور
القول في الجماعة الأولى .
ثم إنه إن فعل ذلك متأولا ، كما ذكر السائل : ضيق المكان ، أو نحو ذلك : كان معذورا
بتأوله ، ولا يظهر عليه حرج ، إن شاء الله .
وأما الكفر ، معاذ الله ، فلا مدخل له في مثل ذلك أصلا ، بل هو من وسوسة الشيطان ،
وتحزينه للمؤمنين .
ثالثا :
وأما إذا خرج وقت الصلاة بالكلية ، وكانت الصلاة قضاء للفائتة ، فتشرع صلاة الجماعة
لها كذلك ، وإن كان أمرها أهون من الصلاة المؤداة في وقتها ، وليس تأكد الجماعة في
القضاء ، كتأكدها في الوقت .
قال النووي في " المجموع " (4/189) : " الْمَقْضِيَّةُ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ :
فَلَيْسَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا فَرْضَ عَيْنٍ ، وَلَا كِفَايَةٍ ، بِلَا خِلَافٍ "
انتهى .
وجاء في " حاشية الروض المربع " (2/256) " وفي قصة الخندق ونومهم ، استحباب قضاء
الفوائت جماعة ، وهو قول أكثر أهل العلم " انتهى .