أنا شاب مسلم أبلغ 17 عاماً وأحب فتاة هندوسية وأريد بشدة الزواج بها بعد 3 سنوات بعد أن أنهي دراستي في الجامعة. ولكنني سمعت أنه لا يجوز للمسلم الزواج إلا من فتاة مسلمة أو مسيحية أو يهودية . ولكني من شدة رغبتي بالفتاة أريدها أن تغيّر دينها حتى أستطيع الزواج منها ، كما أنني أريد لها الذهاب للجنة . لكنّ أهلها لا يريدون لها ذلك فهم يكرهون المسلمين ، بينما هي لا تشاركهم هذه الأحقاد ، وقد أخبرتني أنها سوف تصبحَ مسلمة للزواج بي ، ولكنني طلبت منها ألا تغير دينها من أجلي ، بل من أجل الله . ولكنها لن تدخل الإسلام لأنها لا تريد الكذب ، بخصوص هذا الأمر فهي تكره الكذب ولا تستطيع أن تخفي شيئا عن والديها . ومن شدة رغبتي بالزواج بها ، أريد أن أجد طريقة لجعلها تقبل الإسلام إما بالصلاة أو الدعاء لها ربما ، ولا أريد إجبارها ، فمن حق كل شخص اختيار الدين الذي يريد ، ولكن في نفس الوقت أريدها أن تصبح مسلمة مهما كان الأمر ، لذا أرجو المساعدة .
الحمد لله.
أولا :
لا يحل للمسلم أن ينكح غير المسلمة ، إلا أن تكون من أهل الكتاب يهودية أو نصرانية ، فإن فعل ذلك : فنكاحه باطل ، بل هو من السفاح .
والدليل على ذلك قوله تعالى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ البقرة / 221 .
ولم يُستثن من ذلك إلا نساء أهل الكتاب ؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ المائدة/4 .
وللاستزادة يرجى مراجعة السؤال رقم : (8015) .
ثانيا :
ليكن مقصدك الأول في دعوتها للإسلام : أن يكتب الله هدايتها ونجاتها من النار على يديك ، فإن حصل هذا فقد أفلحت فلاحا عظيما ، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ فصلت/33 ، وقال صلى الله عليه وسلم: لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ رواه البخاري (3009) ، ومسلم (2404) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (103062) .
ثالثا:
دينك الإسلامي الحنيف يمنعك أخي السائل من إقامة علاقة مع فتاة لا تحل لك ، فهذا أمر منكر ، يجب عليك أن تجاهد نفسك في عدم الاستمرار فيه .
وليس يفهم من هذا أن تُترَك هذه الفتاة دون دعوة إلى الإسلام ، بل ينبغي أن تبقى لها قناةٌ تتعرف من خلالها على الإسلام ؛ سواء كان ذلك بواسطة غيرك من النساء الداعيات ، أو بواسطة دعاة رجال تؤمن عليهم الفتنة ، من خلال المركز الإسلامي في بلدكم ، أو المسجد ، أو نحو ذلك .
أما أن تتولى أنت ذلك بمفردك ، فباب عظيم من أبواب الفتنة ، لا سيما مع ما بينكما من العلاقة ، وكم من شخص أوهم نفسه بإصلاح دينه غيره ، حتى اصطاده الشيطان بهذه الحبائل ، وخسر هو دينه !!
وكم من رجل ، تورط في عشق فتاة ، على أن يتزوجها بعد أن تسلم ، فحصل العكس ، وسحبته معها إلى الكفر والعياذ بالله .
فاحذر يا عبد الله أن يكون حبك : كلَفا ، وأن يعميك عن سبل الخير والنجاة ، ويصم أذنيك عن قول الناصح الأمين .
فالقوي من يتغلب على دواعي الشهوة ويستعلي على من يزينها له من الشياطين .
قال طاووس في قوله تعالى ( وخلق الإنسان ضعيفا ) : ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء . انتهى من " المحرر الوجيز " (2/40).
وقال ابن القيم " لقد ركب الله سبحانه الطباع على شهوة الصور المستحسنة ، وامتحن العباد بمجاهدة أنفسهم على الصبر وإيثار ما عنده ، وشرع لهم من الأوراد والعبادات في ليلهم ونهارهم ما يستعينون به على محاربة داعي النفس والشيطان ، من الصلوات الخمس وتوابعها ، ومن الصيام والحج والجهاد الظاهر والباطن " انتهى من " كشف الغطاء لابن القيم " (ص/93) .
واللائق بالمسلم : أن يقف وقفة حازمة ، وينتهي عن الخوض في أمر حرمه الله عليه ، فالله أعلم بمصالح عباده فقد أحل لهم ما ينفعهم في دنياهم ، وحرم عليهم ما يضرهم ويجر عليهم العواقب الوخيمة في الدين والدنيا .
فإن أسلمَت وتم الزواج بها بعد ذلك فالحمد لله ، وإن لم يتيسر ، أو حالت عقبات دون ذلك ، فتكون قد قطعت علائقك من هذه الفتاة ، وأَمِنت من خطوات الشيطان التي قد تقودك إلى الموبقات ، ولعل نصيبك أن يكون في امرأة أخرى خيرٍ منها بمائة مرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، لا سيما مع بغض أهلها للدين وأهله ، فلا تظنن أن الأمور سوف تمشي على مرادك ومرادها ، وهواك وهواها ، خاصة مع غلبة استضعاف المسلمين ، حتى في بلادهم ، فانظر لنفسك ، وانصحها ، ولا توردها موارد الهلكة ، يا عبد الله ، وأنت بعد في سن صغير ، فتحملها ما لا تطيق .
وفي مسند الإمام أحمد (23444) ، وسنن ابن ماجة (4016) : عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ "، قِيلَ: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: " يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ !!
رابعا :
ليس من حق كل شخص أن يختار الدين الذي يريد ، بل يجب على الناس أن يدخلوا في دين الإسلام ، وإلا فإن لهم النار يوم القيامة ، وكيف يكون من حقهم أن يختاروا من الأديان ما يشاؤون -كما ذكر السائل- ثم يكون مآلهم يوم القيامة إلى النار ؛ قال الله تعالى : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ آل عمران/85 .
وأما قوله تعالى ( لا إكراه في الدين ) فالمعنى : أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته ، بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه ، بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه .
وللاستزادة في هذه المسألة يرجى مراجعة السؤال رقم : (34770) ، ورقم : (178756) .
والله أعلم .