الحمد لله.
أما بخصوص طاعة الوالدين الكافرين في المعروف , فقد اختلف العلماء في وجوبها ,
فذكر جمع من العلماء وجوب طاعتهما أيضا فيما ليس بمعصية لله سبحانه .
جاء في " الآداب الشرعية والمنح المرعية " (1 / 437) : " وظاهر ما سبق وجوب طاعة
الوالد وإن كان كافرا , وجزم به صاحب النظم , وظاهر كلامه في المستوعب السابق في
قوله : (وإن كانا فاسقين) أن الكافرين لا تجب طاعتهما , ويوافقه ما ذكره الأصحاب :
أنه لا إذن لهما في الجهاد ، تعين عليه أم لا" انتهى .
لكن إن ظهر من أمر الوالدين الكافرين قصد صدِّ ولدهما عن الإسلام ، أو عن شرائعه
وفرائضه ، أو عما هو أنفع له في دينه ، وأدعى له إلى تعلمه وتفقهه في أمر الدين :
فلا تجوز طاعتهما قطعا .
وعلى ذلك : فلا يجب عليك طاعة والديك في ترك الانتقال لهذا المكان الذي فيه مصلحة
لك ولزوجك في أمور دينكما .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، عن أب يمنع ابنه من حضور مجالس الذكر والدروس
العلمية ، ونتج عن ذلك أن هذا الولد ترك الالتزام ، واتجه للأفلام وما شابهه من
المحرمات ، هل يعتبر فعل هذا الوالد من الصد عن سبيل الله ؟ وهل يطاع في هذه الحالة
؟
فأجاب : "إذا نهاك أبوك أو أمك عن حضور المجالس فلا تطعه ؛ لأن حضور مجالس الذكر
خير، ولا يعود على الوالدين بالضرر ، فلهذا نقول : لا تطعهما ، ولكن احرص على أن
تداريهما ، ومعنى المداراة : ألا تبين أنك تذهب إلى حلق الذكر كأنك تذهب إلى أصحابك
أو ما أشبه ذلك .
أما بالنسبة للأب والأم اللذين يمنعان الولد من حضور مجالس الذكر ، فإن منعهما من
الصد عن ذكر الله ، وهما آثمان في ذلك ، والذي ينبغي للأب والأم إذا رأيا ولدهما قد
أقبل على العلم ، أن يستبشرا بذلك ، وأن يساعداه بكل ما يستطيعان ؛ لأن هذا من نعمة
الله عليه وعليهما ، فمن الذي ينفع من الأولاد إذا مات الإنسان ؟ الولد الصالح ،
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة :
صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولدٌ صالح يدعو له) " .
انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " رقم (99) ص (9) .
والنصيحة لك في هذا المقام : أن تنتقل إلى هذا المكان الذي يوجد به المسجد , ويكثر فيه إخوانك المسلمون ، لتتعاون معهم على البر والتقوى وطاعة الله سبحانه وتعالى.
ولا يفوتنا أن نذكرك بالاجتهاد في دعوة والديك للحق ، فهما أحوج ما يكون لذلك ؛ إنقاذاً لهما من الكفر والإثم ، وعليك سلوك الطرق الحكيمة في دعوتهما ، والاجتهاد في الإحسان إليهما ، بما يمكنك .
ثانيا:
أما بخصوص هذا الولد الذي أنجبته من العلاقة المحرمة : فلا ينسب إليك بحال ؛ بل
ينسب إلى أمه التي ولدته , وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش ,
وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) .
لكن إن كانت المرأة التي مارس معها الرجل الرذيلة غير متزوجة , فقد رجح جمع من أهل
العلم أنه يجوز للزاني حينئذ أن يستلحق ولده منها , يعني : أن ينسبه إليه .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (85043).
والله أعلم .